Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

آثار الجفاف تهدد زراعة الزيتون في المغرب.. تراجع الغلة وارتفاع الأسعار يلوحان في الأفق

مع اقتراب موسم جني الزيتون في المغرب، تواجه هذه الزراعة الحيوية تهديدات كبيرة بسبب الجفاف المستمر، مما ينذر بتراجع كبير في الغلة وارتفاع ملحوظ في الأسعار.

هذا ويعتبر المغرب من أكبر المنتجين والمصدرين للزيتون وزيت الزيتون في العالم، حيث تحتل زراعة الزيتون مكانة هامة في الاقتصاد الزراعي للبلاد، وتوفر دخلاً لملايين المزارعين والعاملين في هذا القطاع، إلا أن التغيرات المناخية الحادة، ولا سيما الجفاف، باتت تشكل تهديدًا كبيرًا لهذه الزراعة التقليدية.

وتشير التوقعات إلى أن محصول الزيتون لهذا العام سيكون أقل بكثير من المعتاد بسبب الجفاف الذي يعاني منه المغرب، حيث ساهمت قلة الأمطار خلال فصل الشتاء والربيع في نقص كبير في المياه المتاحة للري، وهو ما أثر بشكل مباشر على نمو أشجار الزيتون وإنتاجيتها.

وفقًا لتقديرات الفلاحين، من المتوقع أن تنخفض الغلة بنسبة قد تصل إلى 60% في بعض المناطق، وهو ما سيكون له تأثير مباشر على كميات الزيتون المتاحة للجني.

منطقة وزان التي تعد من بين أكبر المناطق في المغرب إنتاجا للزيتون، الوضع فيها يُعد الوضع “كارثيًا” هذا العام، بسبب تداعيات الجفاف

وفي هذا الصدد، قال محمد وهو فلاح للنهار المغربية، إن الخسائر هذا العام قد تصل إلى أكثر من 60% من الإنتاج، مما سيؤدي إلى تكلفة باهظة للاقتصاد المحلي وقد يدفع البعض للتخلي عن الزراعة بالكامل في ظل التحديات المناخية وصعوبة توفير الموارد المائية اللازمة.

وأضاف الفلاح، أنه وأمام هذا الوضع الكارثي، فإنه من المتوقع أن تشهد أسعار زيت الزيتون خلال الأشهر المقبلة ارتفاعا ملحوظا، مشيرًا إلى أن هذا الوضع سيدفع العديد من الفلاحين إلى ترك نشاطهم الزراعي وربما حتى الهجرة من المنطقة بحثًا عن مصدر رزق جديد.

مخاوف من الحشرات والباكتيريا

هذا ويبدي الفلاحون مخاوف متزايدة من انتشار الحشرات والبكتيريا التي تهدد صحة أشجار الزيتون، خصوصًا في ظل الظروف المناخية القاسية مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، هذه الآفات قد تتسبب في تلف كبير للمحصول، مما يزيد من أعباء الفلاحين الذين يعانون بالفعل من انخفاض الموارد المائية وتراجع الإنتاجية.

وفي هذا الصدد، قال بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح للنهار المغربي، إن الحشرة القرمزية لا يمكن أن تنتقل من “الصبار” إلى أشجار الزيتون.

وأضاف المتحدث، أن كان هناك تخوف من دخول نوع من “الباكتيريا” التي تهدد بشكل كبير محاصيل شجر الزيتون، والتي لا يوجد لها دواء لحدود هذه اللحظة، إلا أن هذا النوع من “الباكتيريا” لا توجد في المغرب.

وشدد المتحدث، أن الجفاف هو السبب الذي أنهك محصول الزيتون خلال هذه الفترة من السنة، مشددا أن أسعار زيت الزيتون ستعرف ارتفاعا خلال الفترة القادمة من السنة.

وخلص الخراطي، أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، دوره يتجلى في حماية الثروة النباتية على الصعيد الوطني، ويقوم بواجبه من أجل حماية هذه الثروة ومنع أي خطر يهددها.

زيت الزيتون.. ونيس المائدة المغربية

يُعتبر زيت الزيتون من المواد الأساسية في المائدة المغربية، حيث تُعنى العديد من العائلات بشراء احتياجاتها السنوية خلال موسم جني الزيتون، إما عبر شراء الزيت الجاهز أو من خلال التوجه إلى البوادي لشراء الزيتون والإشراف على طحنه في المعاصر.

وفقًا لإحصائيات المجلس الدولي للزيتون، يستهلك المواطن المغربي حوالي 4.4 لترات من زيت الزيتون سنويًا، مما يجعل المغرب في المرتبة الثانية عربيًا من حيث استهلاك هذه المادة.

كما يصل الاستهلاك الإجمالي للمملكة إلى حوالي 163.4 مليون لتر، مما يضعها في المرتبة الرابعة عالميًا والأولى عربيًا.

وتشكل زراعة الزيتون حوالي 68% من الأشجار المثمرة في المغرب، وعلى الرغم من انتشارها في 10 جهات بالمملكة، فإن جهتي فاس-مكناس ومراكش-آسفي تساهمان بنسبة 54% من المساحات المغروسة بالزيتون.

ويوفر قطاع الزيتون أكثر من 50 مليون يوم عمل سنويًا، مما يعادل أكثر من 200 ألف فرصة عمل دائمة، منها 25% مخصصة للنساء.

أزمة الجفاف

للعام السابع على التوالي، يعيش المغرب عاما آخر من الجفاف، ويعتبر العام الماضي أسوأ عام جفاف شهدته المملكة المغربية منذ 40 سنة، حيث أصبحت أولوية الحكومة البحث عن تدابير جديدة ومبتكرة لتحقيق الأمن المائي وتلبية الطلب على المياه الصالحة للشرب.

هذا ويتوفر المغرب على 153 سدا كبيرا، بسعة إجمالية تصل إلى 20 مليار متر مكعب، و141 سدا صغيرا ومتوسطا، و15 محطة لتحلية مياه البحر، بقدرة إنتاجية 192 مليون متر مكعب، و17 منشأة لتحويل المياه، لكن هذه البنية التحتية المائية لم تنجح في التخفيف من حدة الأزمة، مما استوجب اتخاذ تدابير طارئة أخرى.

في هذا السياق، اتخذت المملكة عددا من الإجراءات ضمن مخطط عمل استعجالي يتضمن عددا من التدابير، من بينها: تسريع إنجاز سدود كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وإنجاز آبار وأثقاب استكشافية لاستغلالها في دعم التزويد بالماء الصالح للشرب.

وتضمن المخطط أيضا إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر لتزويد المدن الساحلية، ومواصلة برنامج إعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء، وتكثيف الاقتصاد بالماء وتوزيع الماء الصالح للشرب، والتقييد في استعمال مياه السقي، إضافة إلى تجهيز محطات متنقلة لتحلية مياه البحر، وإنجاز مشروع الربط بين سد وادي المخازن وسد خروفة الدي وصلت فيه الأشغال إلى مراحله المتقدمة، إلى جانب مشروع الربط بين أحواض سبو وأبي رقراق وأم الربيع.

ومع اقتراب موسم جني الزيتون، تبدو التوقعات غير مبشرة في ظل استمرار الجفاف، مما يهدد بزيادة الضغوط على المزارعين وارتفاع الأسعار في الأسواق.

هذا الوضع يضع قطاع زراعة الزيتون في المغرب أمام تحديات كبيرة تتطلب استجابة سريعة وتخطيطًا طويل الأمد للتكيف مع التغيرات المناخية والحفاظ على هذه الزراعة الحيوية التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من التراث الزراعي المغربي والاقتصاد الوطني.

ويذكر أن إنتاج الزيتون في المغرب تذبذب بشكل كبير في السنوات الأخيرة، في عام 2020، بلغ الإنتاج الوطني 1.6 مليون طن، ارتفع الإنتاج بشكل كبير في عام 2021، ليصل إلى 1.9 مليون طن، قبل أن ينخفض إلى مليون طن في عام 2022.

في عام 2023، استقر الإنتاج عند هذا المستوى، مما يعكس التحديات المستمرة التي تواجه هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي.

 

 

Exit mobile version