انطفأ النجم الذي لمع في سماء السينما الفرنسية. أعطاها لونا جديدا. هذا النجم قبل أن يلج عالم السينما كان جندي مظلات بالبحرية الفرنسية. نجم هنا يضيء وهناك يحرق.
ليست هناك معلومات عن الفترة التي قضاها في الهند الصينية جنديا. لا نعرف هل كان مثل زملائه يمارسون القتل بلا رحمة.
هو الذي اعترف بأشياء كثيرة كان يلزمه أن يعتذر للضحايا. لا أحد يملك حق ذوي الدم كي يسامحه.
في ماي 2019، وبعد حصوله على سعفة ذهبية فخرية في مهرجان كان، أشار إلى معجبيه في نص مؤثر، بلهجة أشبه بوصية. نشرتها وسائل إعلام فرنسية أنقلها هنا كما نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية:
“غداة حصولي على هذه السعفة الذهبية الفخرية، أشعر برغبة في شكر جميع أولئك الذين عبروا لي بطريقة أو بأخرى عن عاطفتهم وتعاطفهم، وأكثر من ذلك.
بينما تشارف رحلتي نهايتها، أود أن أقول إني عرفت الكثير من الشغف، والكثير من الحب، والكثير من النجاحات والإخفاقات، والكثير من الجدل، والكثير من الفضائح، والقضايا المظلمة، والكثير من الذكريات، والكثير من الفرص الضائعة. واللقاءات العفوية، والكثير من الصعود والهبوط. وعندما لا تعود الأمجاد سوى ذكريات عبثية وبعيدة، ثمة أمر واحد فحسب سيبقى مشرقا باستمراريته وطول بقائه هو أنتم، أنتم وحدكم.
فيا من صنعتم ما أنا عليه، ومن ستصنعون ما سأكون عليه، كان علي أن أقول لكم ذلك.
أقول لكم شكرا، شكرا، شكرا”.
وكتب مرة أخرى:
“سأغادر هذا العالم دون أن أشعر بالحزن. لم تعد الحياة تجذبني. لقد رأيت وجربت كل شيء. أنا أكره الوقت الحالي، لقد سئمت!
أرى بعض المخلوقات الشنيعة حقًا طوال الوقت. كل شيء خاطئ، يتم استبدال كل شيء. كلهم يضحكون على بعضهم البعض دون النظر إلى بعضهم البعض!
ولا يوجد حتى احترام للكلمة المعطاة. المال فقط هو المهم. نسمع عن الجرائم طوال اليوم.
أعلم أنني سأغادر هذه الدنيا دون أن أحزن.”
نعم جرب كل شيء بعد أن فتحت السينما الدنيا في وجهه. الشيء الوحيد الذي لا يدعي أنه جربه هو الجندية.
التحق شابا بالبحرية الفرنسية وخدم في حرب الهند الصينية الأولى (الهندوشية بلغة المغاربة)، والمؤكد أنه شارك في عدة معارك. كان مشاغبا، ولم يوضح طريقة شغبه. لم يقدم احتجاجا على قتل أناس يبعدون عن فرنسا بآلاف الأميال. لكن كانت له سلوكات سيئة مما جعل البحرية الفرنسية تتخلى عنه بعد نهاية الحرب المذكورة.
اشتغل في وظائف متواضعة قبل أن تتاح له الفرصة الأولى للتمثيل في فيلم “عندما تتورط المرأة” ثم فيلم “في عز الشمس”، وذلك أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.
من معركة الهند الصينية إلى معركة دارت داخل منزله. في سنواته الأخيرة عاش صراع أبنائه على الإرث قبل أن يموت.
لكل واحد سيرته التي لا يحب. لكن الذي قال أشياء كثيرة عن حياته لم يكن ثقيلا عليه أن يعتذر للفيتناميين. ماذا كان سيخسر؟
آلان ديلون.. نجم في السينما جندي في حرب ظالمة
