Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أخنوش والدولة العميقة

شاءت الأقدار والذكاء السياسي ألا تكون جميع السلط عند رئيس الحكومة، فلنفترض فرض محال أن رئيس حكومتنا، المنتخب بجزء من أصوات الناخبين، كانت بيده مفاتيح كل شيء، فماذا كان سيقع؟ من الأحداث الأخيرة سنقول إنه سيذهب إلى مدينة أكادير، باعتباره رئيسا لمجلسها الجماعي ليحتفل ويفتتح المهرجانات، وسيترك المواطنين يواجهون مصيرهم ويواجهون الحرائق بأنفسهم وبوسائلهم التقليدية.
ونحمد الله تعالى أن رئيس الحكومة لديه اختصاصات محددة، ومع ذلك فهو لا يقوم بها، والحكومة غير مسؤولة أمام أي شيء، فبعد خمسة أيام من اندلاع الحرائق توجه وزير التجهيز والماء ووزير الفلاحة إلى حيث النيران مشتعلة، بينما قبل ذلك اختارت “حكومة النشاط” أن تدس رأسها في التراب.
لم يجد المنكوبون سوى الدولة العميقة، التي ولله الحمد لم تسيطر عليها الأحزاب السياسية، وبقيت عصية على الاختراق، حيث انطلقت مسرعة ملبية نداء الوطن دون حسابات من أجل الانتخابات أو الفوز بمقعد، ولكن من أجل أن يفوز الوطن.
لم تتحرك آليات الدولة إلا بفضل الدولة العميقة، وحتى تلك الأدوات الموضوعة رهن إشارة الحكومة بقيت راكضة في أمكنتها، لكن رأينا القوات المسلحة تسرع إلى الحرائق لإطفائها، ورأينا الدرك الملكي بطائراته ورأينا عناصره يحملون الفتيات والنساء العجائز ليهربوا بهن من محيط النيران، وأدوا الثمن غاليا، حيث سقطت طائرة لهم وهي في طريق عودتها إلى المطار وقد يكون الإرهاق وراء ذلك.
رأينا القوات المساعدة والسلطات المحلية، ورأينا عناصر الوقاية المدنية يكافحون بكل ما أوتوا من قوة من أجل تحويط الحرائق تم السيطرة عليها، ورأينا مواطنين تطوعوا من مالهم الخاص لمساعدة المتضررين والمنكوبين، قمّة في التضامن كقيمة محلية مغربية، بينما كان المفروض أن تكون الحكومة حاضرة من خلال الوزارات المعنية، مع العلم أن الحكومة تتوفر على صندوق لتدبير الكوارث كان يلزم تحريكه في هذا الوقت.
تحركت كل مؤسسات الدولة باستثناء الحكومة، وحتى إن كانت بعض المؤسسات محسوبة عليها فهي تعمل بمنطق الدولة العميقة لا منطق الحكومة السياسية، التي تستهدف الانتخابات فقط، وكل عملها منصب على كم عدد الأصوات التي يمكن أن تحصل عليها، بينما هناك مؤسسات لا يهمها سوى خدمة الوطن.
قلنا قبل 11 سنة إن سحب العديد من الصلاحيات من مؤسسات عميقة ومنحها لمؤسسات سياسية خفيفة وزائلة مغامرة كبرى وتكلفته ستكون ثقيلة على الدولة والمجتمع، وها نحن نقف عند هذه الحقيقة اليوم، لم نشعر بخطورتها في عهد حكومة العدالة والتنمية، التي كانت تتوفر على فرامل قد تكون عائدة إلى “خوف ما”، لكن مع هذه الحكومة، التي تدهس على كل ما هو اجتماعي تبين خطورة سحب الصلاحيات ومنحها لمؤسسات حزبية مرهونة لمؤسسات مالية متعطشة للسلطة.
الحمد لله أن رئيس الحكومة لا يمثل الدولة العميقة حتى لا ينسحب هاشتاغ “أخنوش إرحل” على مؤسسات الدولة العميقة وندخل في فوضى وقانا الله شرها بفضل فطنة وحكمة جلالة الملك والمؤسسة الملكية.

Exit mobile version