أول مرة تقوم منظمة مراسلون بلا حدود بتضمين معطيات حقيقية في تقريرها عن المغرب. وذلك بعد أن ظلت طوال سنوات تنشر تقارير عن المغرب مجانبة للصواب، بل يكون الغرض منها دائما ابتزاز المؤسسات، ولا يعني هذا أنها اليوم عادت إلى جادة الصواب، ولكن فقط لأن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس “تجمع المصالح الكبرى”، أعطاها هدية لم تكن تنتظرها. لم تقل إلا الحق وإن كانت تريد به باطلا.
الحق هو أن أخنوش اشترى أغلب وسائل الإعلام والصحافة في المغرب، والباطل هو الإساءة للمغرب كما هو معهود فيها منذ سنين طويلة. لكنها اليوم تعتمد معطيات واقعية وبالتالي لن يكذبها أحد، بل إنها ستحتج لأن المغرب ظل يصفها بالكذب بلا حدود وابتزازيين بلا حدود.
عزيز أخنوش ومنذ وصوله إلى رئاسة الحكومة وحتى قبل وصوله إليها، اعتنى كثيرا، وفق توصيات بعض مستشاريه، على الهيمنة على الإعلام والصحافة، فباستثناءات صغيرة جدا، حيث ما زالت بعض الصحف والمواقع خارجة عن طوع بنانه وتنتقده، فإن أغلب وسائل الإعلام أصبحت قائمة وقاعدة تمدحه بسبب وبلا سبب، بل تشجعه على الجرأة على كل ما هو اجتماعي لأنها تبرر له سلوكاته.
ولم يكتف أخنوش بالسيطرة على وسائل الإعلام بل تعداها إلى صناعة ذباب إلكتروني والسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وصنع رموزا لذلك سماهم بنكيران “النكافات”، حيث إن هذه الفئة الناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي تحاول تصوير أخنوش على أنه المخلص والمنقذ من الضلال.
ما قام به أخنوش خطر على الدولة الديمقراطية وخطر على الدولة الاجتماعية، لأن أساس الدولة الديمقراطية هو تعددية الآراء التي تعكسها التعددية السياسية، التي كاد يقتلها بعد أن هيمن على الأغلبية وترك المعارضة ضعيفة جدا، والتعددية الإعلامية، التي تعكس التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، لكن طريقة “مول الشكارة” استقطبت أغلب وسائل الإعلام، مما أضر وسيضر كثيرا بصورة المغرب بل بقوته الإعلامية وقلنا في افتتاحية أمس إن الدولة في حاجة للإعلام أكثر من المجتمع بما في ذلك الإعلام المشاكس.
لقد أصبحت القوة المالية الضاربة لأخنوش خطرا على الإعلام بل خطر على الدولة نفسها، فلنتصور أن رئيس الحكومة أقوى عدة وعددا ونفوذا من الدولة نفسها فيما يتعلق بالإعلام، فبالإضافة إلى الحق في المرور الإعلامي في القنوات العمومية باعتباره رئيسا للحكومة، فهو له مجاله الخاص والشاسع والفسيح من التأثير الإعلامي عبر صحف ورقية ورقمية وإذاعات خاصة ومؤثرين وذباب إلكتروني ولم يبق له سوى “روتيني اليومي”، الذي قد يدخله في المستقبل.
والغريب أن أخنوش يغدق على هؤلاء من أموال الدولة، أي من المال العام، فالصحف والمواقع التي تواليه يمنحها إشهارات بلا حسيب ولا رقيب والتي تعارضه يغلق في وجهها الإشهار كما أغدق من المال العام على المؤثرين قصد الترويج لبرنامج فارغ.
أخنوش يمنح RSF هدية
