Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أرشيف الفساد في المغرب

أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي، الذي يرصد فيه الاختلالات التي شابت ممارسة التدبير في المؤسسات العمومية وشبه العمومية، وهو مجهود ضروري من أجل النزاهة والشفافية ومعاقبة كل من تخول له نفسه التلاعب بالمال العام، وينقسم التقرير بين تسجيل الملاحظات والتنبيه والإنذار والتوبيخ والعرض على النيابة، ويمكن اعتبار المجلس هو الأداة الوحيدة لمراقبة سيران المال العام وطرق جمعه وصرفه.
لكن كل هذا المجهود لم يؤد إلى تخليق الحياة العامة. في غياب الأثر العملي لكل هذه المجهودات ينبغي أن نطرح العديد من الأسئلة؟ كيف نستنر في العمل نفسه وهو لا يؤدي دوره؟ من يعرقل عمل هذه المؤسسة؟ لماذا تصدر التقارير سنويا وتتم مراكمتها كأننا نقوم بأرشفة الفساد في المغرب؟ لماذا كل هذا العناء؟ كم نصرف من الأموال العمومية مقابل مراقبة الأموال العمومية التي مع كل هذه التقارير تبقى سائبة؟
أي بلد يجد أن مؤسسة مكلفة بمحاربة الفساد يقف دورها عند كتابة التقارير، لابد أن يطرح السؤال: أين الخلل؟ لماذا لا تؤدي المؤسسات الدستورية وظيفتها؟
ليس عيبا أن تكون هناك اختلالات وظيفية في مؤسسة من المؤسسات، لكن العيب أن تستمر في ذلك. نعرف أن المجلس الأعلى للحسابات يقوم بعمله وفق معايير متقدمة، ويتوفر على قضاة وموارد بشرية في المستوى الذي يليق بمؤسسة مخولة بمراقبة المالية العمومية، لكن ما الفائدة من إضافة تقارير إلى تقارير سابقة؟
أي مؤسسة تكلف درهما واحدا لابد أن تكون منتجة. ستكون الخزينة العامة رابحة بشكل كبير إذا قام المجلس الأعلى للحسابات بكامل دوره، أما إذا لم يقم بدوره فتكون الأموال التي تصرف عليه في غير محلها، بمعنى أن المالية العمومية تخسر على وجهين، أولا لأن الأموال لم تتم المحافظة عليها وثانيا لأن هناك مؤسسة عمومية تستهلك كثيرا من المال دون عائد يذكر.
ليس الغرض القول إن المجلس الأعلى للحسابات لا يقوم بدوره. حاشا ومعاذ الله. لكن المجهود لا يبرر المضمون. نريد مضمونا موازيا للمجهود المبذول. وبالإضافة إلى المضمون نريد آثارا عملية رادعة. وإذا اقتضى الحال المطالبة بإصدار تشريعات تساهم في تسهيل عمله. فما معنى إصدار غرامات مالية في حق موظفين لم يدلوا بممتلكاتهم في إطار قانون “من أين لك هذا؟”؟
لنأخذ مثالا موظفا لم يُصرح بممتلكاته لحظة توليه منصبا معينا، وصدرت في حقه عقوبة ببضعة ملايين لا تساوي عشرات الملايين التي راكمها بطريقة غير مشروعة؟ ماذا خسر من خلال هذه العقوبة وماذا ربحت الخزينة العامة؟
ليس المجلس الأعلى للحسابات، الذي تبقى تقاريره في الرفوف، ولكن هناك مؤسسات كثيرة تستنزف المال العام وتستنزف أوراق الأشجار في إنجاز تقارير لا يطلع عليها، بينما المشرع أراد منها أدوات لمراقبة المال العام ومحاربة الفساد.

Exit mobile version