Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أغرب عملية تآمر على المغرب. من؟ متى؟أين؟ كيف ؟ ولماذا؟

الدكتور احمد درداري *
ان اخطر عملية اعتداء طبقا للقانون الدولي هي انتزاع ارض دولة المغرب و تبرير العملية بوجود فكر انفصالي بحثا عن شرعية المساس بسيادة الدولة المغربية على ترابها، مما يثير اهداف الاستعمار الذي لم يخرج في الاصل عن دولتي فرنسا واسبانيا من جهة، وكان من المفروض ان تكون المؤامرة فرنسية اسبانية في الحاق الضرر بالمغرب، لكن بالعودة الى السياق الدولي وحجم الحشد الدولي لانجاح التآمر على المغرب يبين ان الظلم سياسة دولية مفبركة، ولها من الامكانيات ما لا يتصوره العاقل ولا يقبله الا الاحمق، فمنطق العلاقات الدولية لا يفرق بين المصالح والاضرار ويبقيهما مجتمعين. فاذا كان الغرب قد انطلق من الثورات الاجتماعية والسياسية، وعمل على تحقيق التقدم باستخدام كل الوسائل الشرعية وغير الشرعية في مواجهة بقية دول المعمور، بل وذهب يبحث عن نشر الثروات خارج اوربا، لذا فان المستوى الذي وصلت اليه الدول الغربية قام على ظلم الدول المستضعفة طبقا لمنطق الهيمنة ولقانون الغاب الذي لا يؤمن به الا من تكبر واستصغر بقية الشعوب والامم ولجأ الى العنف والعنصرية والاضطهاد لتحقيق ما يصبوا اليه دون مساءلة ودون خوف ولا خجل .
وبالعودة الى السياق الدولي الدولي لنزاع الصحراء المغربية، فان الوضع الذي عرفه العالم في ظل صراع القطبين شرعن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، حيث ان اوربا الغربية كانت تخشى من قلب انظمتها السياسية الى انظمة اشتراكية، وكانت فكرة تصدير المشاريع الثورية نحو الدول الضعيفة خيارا مناسبا للتخفيف من ضغط الثورات والتهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي التي افرزت الحربين العالميين الاولى والثانية في القرن العشرين ، وتبعتهما فترة الحرب الباردة التي جاء في ظلها اقتسام الدول بين دول موالية للولايات المتحدة الامريكية ودول موالية للاتحاد السوفياتي ومجموعة دول اخرى سميت دول عدم الانحياز .
هذا ولكون فرنسا استعمرت جزء من المغرب الشرقي في القرن التاسع عشر ضمته الى الجزء الذي اطلقت عليه اسم الجزائر بعدما استعصى عليها ايجاد اسم مناسب لهذه المنطقة. وباعتبار دولة المغرب كانت موجودة منذ الادارسة الى اليوم ، وان فرنسا لما اقتطعت أجزاء مهمة من أراضيه من جهة الشرق والجنوب الشرقي وابقتهما تحت سيطرتها وبعدها ضمتهما الى الجزائر. و في القرن العشرين احتلت فرسا وسط المغرب واسبانيا احتلت الجزء الشمالي والجزء الجنوبي، و منذ حصول المغرب على الاستقلال لم يكون هناك اي مشروع انفصالي، و دخل نظام العسكر الجزائري في صراع مع المغرب بدعم فرنسي لايقاف فكرة مواصلته الضغط على فرنسا لاسترجاع اراضيه المقتطعة، وكانت حرب الرمال 1963 مؤشر على نجاح فرنسا في بناء العداء بين المغرب والجزائر و ابعاد المغرب عن حقه في استراجاع صحرائه الشرقية وبقية المناطق، ومع تنامي الصراع الذي تغذى من الحرب البارد ، تم زرع مشروع دولة وهمية لابعاد المغرب خارج المطالبة بحقوقه طبقا للشرعية الدولية، فتم ادخال النزاع الى اللجنة الرابعة للامم المتحدة في الخاصة بتصفية الاستعمار، فبدأ التهافت على الارض باسم الشرعية الدولية وتقرير المصير واعتماد الاحتكام الى الفيتو الذي تتمتع به خمس دول من بينها فرنسا، والى العلاقات الخارجية للدول ولعبة المصالح والتمويل المغرض و شراء المواقف… الشيء الذي دفع الجزائر الى الانتقام من المغرب بتكليف فرنسي ودعم بعض الدول الديكتاتورية و ذات الانظمة الشمولية و الميول الاشتراكي.
ورغم ان اسبانيا اعادت الاقاليم الصحراوية الى المغرب أخرها سنة 1975، الا انها استمرت في تبني مواقفها الغامضة ، ولكن بعدما اعترفت بمغربية الصحراء وبجدية الحكم الذاتي انكشف جزء مهم من عملية التآمر، وبقيت فرنسا في الجزء الآخر ، متشبثة بعدم الافصاح صراحة عن موقفها من مغربية الصحراء و الحل السياسي الذي يبدو انه يحرجها في الجزء المتبقي والمتعلق بالصحراء الشرقية، وان ذلك يبدو ليس في صالحها خصوصا بعدما اربكها اعتراف امريكا بسيادة المغرب على صحرائه وايدتها الاغلبية الساحقة للدول في الجمعية العامة للامم المتحدة حسب آخر تصويت ب 141 دولة مقابل خمس دول معارضة.
وبالعودة الى عملية احصاء اللاجئين في مخيمات تندوف و تفكيك هوية ساكنة المخيمات كما هو متوفر عند اسبانيا، يبين حجم التآمر وتعقيد المعادلة التي ركبها المجتمع الدولي ضد المغرب في الربع الاخير من القرن العشرين، حيث اثبتت الاحصائيات الاسبانية ان عدد سكان المخيمات الاجمالي هو 87000 نسمة فقط.
والاغرب هو ان المغاربة الصحراويين الانفصاليين المنحدرين من الاقاليم الجنوبية للمغرب عددهم فقط 1937 لاجئ، بينما العدد المتبقى من اللاجئين هم من جنسيات دول مختلفة ومنهم بدون جنسية كما يلي.
المنحدرين من دولة مالي 23490 شخص لاجئ.
والمنحدرين من دولة كوبا عددهم 12180 شخص لاجئ.
ومن دولة الجزائر 19140 شخص متحكم في التنظيم .
ومن شمال دولة اتشاد ودولة السودان 9570 شخص لاجئ .
وبالنسبة للاجئين للذين ليس لهم جنسية عددهم 20683 شخص لاجئ مما يتطلب اجراء تحليل البصمة الوراثية لتحديد هوياتهم.
وتبدو لعبة التآمر واضحة من خلال هويات اللاجئين المشاركين في مشروع دولة الوهم وايضا اسماء دول جمعتها المصالح و توافقت على دعم المرتزقة الانفصاليين، وهناك استغلال للمهاجرين والغرباء باستدراجهم ضمن مشروع دولة الوهم، حيث تم استدراج الغرباء واللقطاء من مناطق مختلفة علما ان هؤلاء لهم دولهم. فهل هؤلاء انفصلوا عن اوطانهم وفكروا في سرقة اراضي شعب ودولة لايجاد كيان وهمي متعدد الجنسيات مع سبق الاصرار والترصد خرقا لقاعدة ما بني على باطل فهو باطل .
ان العالم كله بات يعرف طبيعة التآمر بمن ؟ ومتى؟ واين ؟ وكيف ؟ ولماذا ؟ و البهتان الذي ألصق بالمغرب، و ذلك بسبب توجهاته السياسية الليبرالية، وايضا بسبب صراعه التاريخي مع دول اوربية اضافة الى ردعه الدولة العثمانية من جهة، بسبب التوجهات السياسية الدولية المتصارعة التي فرضت على الدول الاصطفاف يمينا او يسارا منذ 1844 و 1860 ذلك ان هاتين المعركتين (ايسلي) و (تطوان) تزامنتا مع صدور البيان الشيوعي و انتشار الثورات وبداية التوسع السياسي للدول التي قادتها الى خارج اوربا، واستمر الصراع باشعال حربين عالميتين وبعدهما جاءت فترة الحرب الباردة، فكان من الطبيعي تغيير خريطة العالم واعادة النظر في قوة الدول التي تركز على المعطى الجغرافي كمحدد لقياس قوة دولة عضو في الامم المتحدة من جهة أخرى، فكان المغرب من بين الدول التي تتوفر على جغرافية بمساحة مهمة خصوصا ما تتوفر عليه من ثروات تحدد القدرة التنافسية الاقتصادية.
واليوم اصبح لزاما على المجتمع الدولي رفع اللبس عن النزاع واعادة الارض الى المغرب، وتفكيك وضعية اللاجئين و رفع طلب الى هيئة الامم المتحدة و مجلس الامن يقضي بإعادة اللاجئين الى اوطانهم الاصلية وتطبيق قانون اللجوء على بقية اللاجئين بدون هوية.
كما يجب تطبيق القانون الدولي الانساني على الوضعية المزرية في مخيمات تندوف والضغط على الجزائر الامتثال لقرارات مجلس الامن، ومعالجة التدهور الذي تعيشه ساكنة المخيمات، وتفكيك التدخلات العسكرية ونزع السلاح من يد التنظيم الانفصالي الارهابي المتعدد الجنسيات تحت رعاية النظام العسكر الجزائري وبدعم فرنسي، خصوصا بعدما ابانت الاحصائيات التي تتوفر عليها اسبانيا ان الامر يتعلق بعملية غادرة متعددة الجنسيات و الدول ليس الا .

*استاذ التعليم العالي بجامعة عبد الملك السعدي
كلية العلوم القانوني والاقتصادية والاجتماعية بتطوان
رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات.

Exit mobile version