Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

إسبانيا في الزاوية الضيقة

إسبانيا اليوم محشورة في زاوية ضيقة جدا. لقد تعاملت بطريقة غير ديبلوماسية مع شريك استراتيجي في العديد من القضايا أي المغرب. بلد حاز صفة الشريك الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي وليس مدريد فقط. الخطأ يمكن تصحيحه في الديبلوماسية لكن لابد من ثمن، وأي ثمن مستعدة الدولة الإيبيرية لأدائه وهي التي تلعب على كل الحبال؟
كان بإمكان دولة مثل إسبانيا أن تستقبل المدعو إبراهيم غالي، زعيم مرتزقة البوليساريو، تحت مبرر “إنساني” كونه يعاني من مرض خطير، لكن أن يصبح المبرر الإنساني مجرد تبرير لوجود كبير المرتزقة فوق أراضيها بعد أن قامت المخابرات المغربية بالكشف عن ذلك. والأدهى والأمر أنها استقبلته بهوية مزورة “محمد بن بطوش”، بجواز سفر جزائري.
استقبال غالي في مستشفى إسباني بهوية مزورة يكشف سوء النية لدى الإسبان. في الأعراف الديبلوماسية كان على مدريد أن تخبر الرباط بأنها مضطرة لذلك تحت عنوان “السبب الإنساني”، لكن لم تفعل ذلك، إرضاء للجزائر وغازها. ناسية أن المغرب له شواطئ تنشط فيها البواخر الإسبانية على امتداد ثلاثة آلاف كيلومتر، كما أن المغرب شريك حقيقي في مكافحة الإرهاب وقضايا الأمن والهجرة. يرفع المغرب يده عن ملف الهجرة ستعاني إسبانيا لسنوات.
لكن بما أنها دائخة برائحة الغاز فإنها تفكر “حد أنفها” كما يقال.
لم يعد أمام مدريد سوى حلا واحدا هو الإفصاح عن موقفها الحقيقي من قضية الصحراء المغربية، التي عانت من ويلات احتلالها لمدة سنوات، وهي التي تسببت في التبعات والمشاكل، وموقفها “عملي ومصلحي” فإن كانت مع الوحدة المغربية فهذا سيعود عليها أيضا بالنفع، أما إذا شجعت الانفصال فما عليها سوى أن تنحني لعاصفة الانفصال في أقاليم عديدة مثل الباسك وغيرها.
الدول الأوروبية أحيانا لا تستفيد من حركة التاريخ، ففي الماضي القريب جدا والممتد أيضا معنا، ساندت ودعمت الإرهاب، وكانت تعتقد أنها بمنأى عنه، بل كانت تعتقد أنها سوف تتخلص من بعض العناصر المتطرفة الموجودة فوق أراضيها، وها هي اليوم هذه العناصر تعود من بؤر التوتر بعد أن تدربت واكتسبت خبرات قتالية كبيرة وستعاني منها أوروبا لسنوات، وهو إرهاب مختلف عما عرفته مع الألوية الحمراء وبايدر ماينهوف.
الشيء نفسه يذكر عن تشجيع الانفصال، فلن يقف عند حد بل سيتسغل أدواتها لينتشر في كافة أوروبا بدءا من إسبانيا، وكل عوامل الانفصال موجودة في أوروبا، خصوصا وأن الإثنيات تخترق كافة الدول، وبالتالي كل إثنية ستطالب بالانفصال عن البلد المحسوبة عليه حاليا، ولا توجد دولة أوروبية بعيدة عن عوامل التقسيم، فتشجيع النعراث الانفصالية في الدول الأخرى ستكون له عواقب وخيمة على أوروبا برمتها إن لم تفهم وتستوعب حركة التاريخ.
موقف المغرب مما جرى أخيرا من استقبال لا ديبلوماسي للمرتزق الكبير إبراهيم غالي هو التعبير الحقيقي عما يمكن أن يقوم به المغرب الذي يمتلك أوراقا عديدة يمكن أن يشعلها فوق رؤوس الإسبان.

Exit mobile version