Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

اغتيال الأحلام مع سبق إصرار وترصد ،،

زهرة عز
فاجعة مؤلمة ، ومأساة جديدة تنضافان للمآسي العديدة التي أصبحت تشكل خارطة مستجدات أخبار الوطن ،، انتحار هنا واختطاف هناك وقتل وعنف وغرق و يأس من انفراج قريب لأزمات متلاحقة تضرب بلا هوادة الحلقة الأضعف و الهامش الاجتماعي ،،
في ظل هذه الضبابية اختار العشرات من المواطنين البؤساء الارتماء في حضن المجهول وركوب قوارب قد تصل بهم الى بر أمان افتقدوه في حضن الوطن ،، الموت غير بعيد يتربص بهم ، يلاعبهم البحر و القدر ، قد يبتسم لهم الحظ ويطؤون أرضا جديدة ربما تضخ بعض الأمل في قلوبهم ، وغالبا ما يقبر البحر أحلامهم ،، يختارون ركوب الأهوال وهم يترقّبون كلّ المفاجآت بما فيها الموت المحتمل وقد يعتقدون ان حيتان البحر ستكون أرحم من حيتان البر التي ابتلعت كل حقوقهم المشروعة . وربما كان حضن البحر البارد اكثر دفء وهو يحضن رفاتهم ،،
قوارب موت بل هي نعوش عائمة مفتوحة تطفو على وجه بحر غادر ، توابيت جماعية يتكدس فيها اموات أحياء، من أطفال ونساء وشباب ورجال ،،وجوه خائفة قاتمة جمعهم البؤس والبحث عن الحياة ،،لكل واحد منهم حكاية تتقاطع مع انسداد الأفق وفقدان الأمل في التغيير وفِي احتضان الكرامة ،،منهم من وثّق لهروبه بتسجيلات مؤلمة وابتسامات شاحبة وربما بنوع من الفرح الداخلي المؤقت ،فالأمل أمامهم يرونه على مرمى البصر بالضفة الأخرى ، الفردوس المفقود غايتهم قد يعثرون على سعادة غادرت مخادعهم منذ زمن طويل وطال انتظارها ،، شباب في عمر الزهور ، مستقبل الوطن وسواعده تغادر وتترك الجمل بما حمل ، قد لايطؤون الأرض مرة اخرى وقد يصبحون مجرد غذاء في بطن الحوت او أرقام مجهولة لجثث بدون اسماء ولا هوية داخل ثلاجة باردة هناك بالضفة الاخرى ،، ومن يحالفه الحظ يرتمي في حضن المجهول قد يحقق احلامه وقد يزيد ضياعه ، كل شيء نسبي بما فيه ركوب البحر والمخاطر ،،
ابناؤنا من مدينة الثورة والشهداء وادي زم الجريحة ، ومن مدينة العلماء والمقاومة أبي الجعد ، لقووا حتفهم بالمياه الأطلسي وكانت وجهتهم جزيرة الكناري من مدينة الداخلة ، نتذكر أيضا أبنائنا من المفقودين السنة الماضية بالمحيط الأطلسي بكل من من طرفاية العيون وكلميم ، وغيرهم كثير من الجديدة وسطات ووو، شهداء لقمة العيش ،لم يعرفوا ماينتظرهم وهم يتخذون قرار ركوب البحر و المجهول للبحث عن أفق أكثر اتساعا وفساحة لطموحهم و آمالهم التي تبخرت،، ربما لو علموا الغيب لاختاروا التحدي ، مجابهة الأزمة والتمسك بحقهم في الكرامة ، ربما كانوا ليزعجوا البلاهة حتى تنقلب الموازين وتستعيد العدالة حذاءها الضائع ،،لو علموا ماينتظرهم لاختاروا حضن أمهاتهم يحتمون به من حضن غادر ،،
للأسف هناك عودة متنامية للهجرة السرية،، ظاهرة أليمة تحتاج الكثير من الفحص والتمحيص لمعرفة أسبابها وتداعياتها ونتائجها والحلول الممكنة في ظل تردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية .وفي ظل غياب اي إرادة سياسية حقيقية للقضاء عليها وإيجاد حلول ناجعة وبرامج قابلة للتنفيذ تعيد الابتسامة والأمل لشبابنا الضائع ،،
من أسباب الهجرة السرية بالتأكيد سوء تسيير وتدبير للشأن المحلّي ، وفشل ذريع في تحقيق التنمية المنشودة ،،ربما لو التزم المسؤولون بتعهداتهم بكل جدّية وإرادة حقيقية لإيجاد حلول جذرية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها الطّبقة الهشّة بالمنطقة الغنية بالفوسفاط، قد نتدارك حجم الكارثة ونسعى لوقف رجّة الانهيار الذي يزلزل واقعنا اليومي ،،
قلوبنا مع أهالي ضحايا وادي زم وأبي جعد،، شهداء الوطن ،،
،لأرواحهم السلام ،،

Exit mobile version