Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

اكتشاف أثري في أبيدجان يكشف عن أقدم وجود بشري في غابة استوائية قبل 150 ألف سنة

في حي أنياما بمدينة أبيدجان، حيث يلعب الأطفال وتنتشر أكشاك الشواء في الشوارع، لم يكن أحد ليتخيل أن هذا المكان كان قبل 150 ألف سنة موطنًا للإنسان العاقل.

لكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة “نيتشر” كشفت أن هذه المنطقة تضم أقدم دليل على الوجود البشري في غابة استوائية، ما يغير فهم العلماء لكيفية انتشار الإنسان العاقل في البيئات المختلفة.

قبل هذا الاكتشاف، كانت أقدم الآثار المعترف بها لوجود الإنسان العاقل في الغابات الاستوائية تعود إلى 70 ألف سنة فقط، وتحديدًا في آسيا وأوقيانوسيا.

لكن فريقًا دوليًا من علماء الآثار والأنثروبولوجيا تمكن من إثبات أن الإنسان العاقل كان موجودًا في هذه البيئة الرطبة قبل أكثر من 150 ألف سنة، ما يكشف عن قدرة البشر الأوائل على التكيف مع الغابات الكثيفة.

بالقرب من موقع التنقيب، تساعد روث فابيولا أغوا (25 عامًا) والدتها في متجرها، وتعبر عن اهتمامها بالاكتشاف قائلة: “من المهم معرفة التاريخ، فهذا يساعدنا على فهم أصولنا”.

وعلى النقيض، لا يبدي باسيلي سوادوغو (51 عامًا)، حارس أمن، أي اهتمام، قائلاً: “نحن نعيش في الحاضر، هذه الأمور لا تغير شيئًا في حياتنا اليومية”.

بدأت القصة في عام 1982، عندما نبه جيولوجي عالم الآثار الإيفواري فرنسوا غويديه يويديه إلى وجود أدلة مثيرة للاهتمام في أنياما. قاد يويديه عمليات التنقيب ووجد أدوات حجرية تعود إلى العصر البليستوسيني، مخبأة على عمق عدة أمتار تحت الأرض.

داخل منزله المتواضع، لا يزال يويديه البالغ من العمر 77 عامًا يحتفظ بصناديق مملوءة بالأدوات الحجرية التي اكتشفها.

ويوضح قائلاً: “هذه المعاول كانت تُستخدم لكسر العظام والصخور، بينما كانت الأدوات ذات الحواف الحادة مخصصة لسلخ الحيوانات”.

خلص الباحثون إلى أن الغابات الإفريقية لم تكن عائقًا أمام انتشار الإنسان العاقل كما كان يُعتقد سابقًا، مما يعزز فرضية أن إفريقيا احتضنت تنوعًا بيئيًا ساهم في تطور البشرية.

وترى أوجيني أفوا كواميه، الباحثة في معهد التاريخ والفنون والآثار الإفريقية، أن هذا الاكتشاف “يفتح الباب أمام المزيد من الدراسات الأثرية في ساحل العاج، حيث توجد عدة مواقع لم تُستكشف بعد”.

أما أكيسي ديان غويبي، المتخصص في الأنثروبولوجيا، فيأمل أن تشجع هذه الدراسة المزيد من الطلاب على التخصص في علم الآثار والأنثروبولوجيا، مما يعزز الأبحاث حول تاريخ الإنسان في إفريقيا.

مع ازدياد الاهتمام بهذا المجال، يعتقد الباحثون أن المزيد من الاكتشافات قد تظهر في المستقبل القريب، ما قد يسهم في إعادة كتابة تاريخ الإنسان العاقل وتوسيع فهمنا لقدراته على التكيف مع البيئات المختلفة منذ آلاف السنين.

 

Exit mobile version