Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الأمن الوطني والأمن الروحي

ركز أغلب من زار أو شاهد الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بأكادير على منجزات هذه المؤسسة، والتطورات الحاصلة داخلها، وهي كلها تحولات عميقة تفيد أن الأمن الوطني سائر في طريق التقدم والوقوف على درجة كبيرة من الاستعداد العلمي والمادي لمواجهة التحديات، لكن بقيت نقطة رغم أنها رمزية لكن أبعادها كبيرة جدا، ألا وهي الاستقبال الذي حظيت به حافظات كتاب الله عز وجل، والذي تم بطريقة كبيرة حيث تم خفرهم عن طريق فرقة للدراجين وتم استقبالهم بشكل كبير، دون أن ننسى العمل العفوي لرجل الشرطة، الذي سوّى خيوط حذاء إحدى الفتيات.
في المؤسسات لا شيء بدون خلفية. الأمن قريب من المواطنين بكافة فئاتهم، لكن في هذه القضية تجتمع صيغتان للأمن، الأمن الوطني والأمن الروحي.
بغض النظر عن الفكرة كيف جاءت ومن اقترحها، تبقى تلك الصورة، التي يقوم الأمن بحماية الحافظات لكتاب الله واستقبالهن بطريقة كبيرة والعناية بهن، ذات أبعاد رمزية كبيرة، لا يمكن إلا أن تترتب عنها خلاصات لا يجوز غض الطرف عنها. أولا هن حافظات وليسوا حافظين، وهذا موضوع مهم. يجمعن بين حفظ القرآن والأنوثة. هي إذن رسالة إلى من يريد أن ينزع المغرب من بعده الثقافي في أي تغيير قانوني.
الأمن الوطني يقول إن هذه البلاد هي بلاد أمير المؤمنين، بلاد المؤسسات التي لا تنفصل عن المحتوى الثقافي، الذي لا يمكن أن يشبه محتوى ثقافي آخر، وهو الذي لا ينبغي أن يقفز على الوقاع، الذي يقتضي رعاية إمارة المؤمنين لشؤون المجتمع، وأن إمارة المؤمنين بالإضافة إلى أنها مؤسسة ترعى الشأن الديني فهي أيضا مرجعية ثقافية وفكرية ودينية عنها تصدر الكثير من القوانين والقراءات والاجتهادات.
والشيء نفسه يقال عن الطريقة التي تم بها الاحتفاء الاستقبالي للشيخ مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى في الاحتفال الذي أقيم بوجدة بمناسبة الذكرى الثامنة والستون لتأسيس الأمن الوطني، حيث كان استقباله استثنائيا بالنظر لمكانته الرمزية التي يستمدها من انتمائه للمجلس، الذي يعتبر أحد تعبيرات إمارة المؤمنين والمخول في بالبث في فتاوى تصدر باسم جلالته.
هذه الإشارات القوية موجهة لمن يريد أن يعبث بالأمن الروحي للمغاربة. ومنذ زمن بعيد اتضح أنه لا يمكن العبث بالأمن الوطني والأمن الروحي المغاربة وهما صنوان لا يفترقان أبدا. لقد خاض المغرب المعركة بشكل متواز، معركة بناء قوة أمنية كبيرة، ومعركة محاربة التطرف الديني، واليوم نرى أن الرسالة موجهة لمن يريد أن يعبث بالأمن الروحي للمغاربة من الطرف الآخر المتطرف في تبنيه للحداثة.
هذه بلاد لها من يحميها، ولها من يصون ثقافتها، ولها من يرعى تطورها في كافة المجالات، دون أن يكون لهذا المجال أفضلية على الآخر إلا من حيث الضرورة والأولوية، واليوم تعلن الأبواب المفتوحة أن الأمن الوطني صنو للأمن الروحي وأخوه التوأم.

Exit mobile version