Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الأمن والمواطَنة الحقة

أثبت المغرب مرة أخرى أنه في مستوى اللحظة التاريخية وأعطى للعالم درسا في كيفية ضبط المخالفين والمزورين للوثائق المتعلقة بالتلقيح وبجواز السفر الصحي ــ كوفيد.
ففي مدة زمنية قياسية، كشف المغرب عبر أجهزته الأمنية عن عشرات المتورطين وأعداد هائلة من المختبرات والأطباء والسماسرة في عمليات التزوير التي تشكل خطرا حقيقيا، ليس على المغرب وحسب، بل على الدول الصديقة كذلك. فعلى الرغم من أن جريمة تزوير تحاليل الـ”بي- سي – أر” وتزوير شهادة جواز كوفيد، جريمة نكراء ومكتملة الأركان بكل المقاييس من حيث الخطورة والتداعيات، استطاع المغرب التصدي لها في الوقت المناسب. فجريمة تزوير شهادة التلقيح أو جواز السفر الصحي لا تتوقف عند جريمة تسليم وثيقة سفر أو مرور أو الخروج، أو لتجاوز السدود الأمنية والقضائية أو الحدود البرية والبحرية عبر الموانئ والجوية عبر المطارات، ولكنها تستر فظيع على حامل للفيروس لينشره بإدراك ووعي وبسهولة، بل وبإصرار، على المارين وعلى المواطنين وهو يلاقيهم في الأماكن العامة. كما لا تتوقف فقط عند نشر الفيروس لدى فئة واحدة ومحددة، بل يتعدى نشرها إلى كل فئات المجتمع عبر المخالطة، بداية من الشارع إلى الأسرة ومقرات العمل ووسائل النقل العمومي والمحطات والفضاءات العامة وكل الأماكن المشتركة، وهذا ما حدث بالمغرب حيث أخذت الأرقام تتضاعف في زمن قياسي، وبشكل غير مسبوق، وذلك بعدما استطاعت المملكة أن تكون، منذ ظهور أول حالة عدوى في ثاني مارس 2020، نموذجا عالميا، في الانضباط تجاه التدابير الوقائية من فيروس كورونا، وفي حماية المواطنين والمؤسسات، في وقت انهارت فيه المنظومات الصحية لدى البلدان العظمى مع بداية انتشار الوباء.
فالأخطر من جريمة التزوير التي تمت محاصرتها في زمن قياسي ووقت مناسب، أن المتورطين في التزوير لشهادة التلقيح ولجواز السفر الصحي، أتاحوا للمستفيدين من هذه الشهادات والجوازات المزورة، فرصة إصابة ذوي المناعة الضعيفة وكبار السن والأطفال والذين يعانون من أمراض مزمنة مختلفة، ما جعلنا نكون أمام جريمة قتل جماعي مع العمد والإصرار ودون إعطاء أدنى أهمية لخطورة هذا التزوير ولا لتداعياته على المجتمع.
هنا لابد من الإشادة بالمجهود الكبير لكافة الأجهزة الأمنية التي أبانت، مرة أخرى عن يقظتها واستطاعت أن تتوصل، في الوقت المناسب، إلى معلومات دقيقة بوجود شهادات “بي ــ سي ــ أر” وجوازات كوفيد مزورة، وأن تنزل بقوة للوقوف في وجه هذه الجرائم ومرتكبيها، الذين كبدوا المغرب خسائر كبيرة، آخرها توقيف الرحلات الجوية بين المغرب وكندا.
هذه الجرائم إن كانت تؤكد على أن مرتكبيها يفتقدون حسَّ المواطنة، فإن اليقظة الأمنية لمكافحة هذه الجرائم مستمرة، تؤكدها الاجتماعات الطارئة لوزارة الداخلية وكافة الأجهزة الأمنية بما فيها الأمن السيبرياني، لتظل الأجهزة الأمنية بمجهوداتها في حماية الوطن والمواطنين مؤسسة مواطنة حقا.

Exit mobile version