Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الانتصارات المغربية الدولية في موضوع الوحدة الترابية

*الدكتور أحمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات.
لقد توالت الانتصارات و انتقلت العلاقات بين المملكة المغربية ومختلف الدول الافريقية و مع عدد كبير من الدول من الإطارات القانونية و الاتفاقيات الموقعة و التي تقدر على المستوى الافريقي بحوالي 1500 اتفاقية إلى إذكائها بالترجمة والتنزيل لأوراش ومشاريع كبرى أصبح للمغرب من خلالها حضور يومي سياسي اجتماعي، اقتصادي، ديني، أمني، ثقافي، وبيئي هام ومستمر على مستوى كثير من مجالات الحياة اليومية للشعوب الافريقية .
ذلك أن منطق الدبلوماسية وظوابطها و أدابها المهنية ، تقر بالعمل حتى في الظروف الصعبة وعدم التأثر بالأزمات ما دام العمل المشترك ينطلق من رغبة تتوقف فقط على تفاهمات تعتبر الدبلوماسية الذكية أهم أدواتها .
وآليات الانتصار المغربي في موضوع الوحدة الترابية تثمتل في عدد الآليات كما يلي:
آلية العلاقات التاريخية المغربية الافريقية، حيث اصبح التاريخ مكسبا ورصيدا هاما يمكن اسثماره بما يقوي اواصر الصداقة و يعزز التعاون، و الانطلاق من التاريخ المشترك كقاعدة لثتبيت قنوات التعاون الشامل و البيني وتحديد الأهداف المشتركة.
وآلية الدبلوماسية الدينية و الروحية أيضا غيرت حياة الإنسان الافريقي ، حيث أن ملأ الفراغ الروحي لدى الشعوب الافريقية و الاهتمام بروح الانسان الافريقي ومنحه وسيلة ومنهج إفراغ المتاعب و التحلي بالأخلاق و المثل و حب الخير و التراحم والتسامح بين الشعوب و المجتمعات الافريقية . فرابطة علماء المغرب و افريقيا تدل على أن الهم النفسي و الاجتماعي و الثقافي وجد طريقة في المد الروحي المغربي لبناء الطاقة الإيجابية.
وآلية الاقتصاد مهمة، بحيث أن التجارة و المشاريع الاقتصادية وما تكفله للانسان الافريقي من نماء وتغيير في القدرات الوطنية لمجموع الدول أصبحت اليوم تؤشر على اقتصاد إفريقي صاعد، مهم وواعد . وفي هذا الباب يمكن القول أن مدينة الداخلة أصبحت عاصمة تمثيليات الاقتصادات الدولية ومدينة رؤوس الأموال التجارية و الصناعية وغيرها و المحددة للخارطة الاقتصادية الافريقية و الدولية .
وآلية الأمن صمام أمان الروابط والعلاقات باعتبار المقاربات الأمنية مهمة لجميع الأوطان الافريقية و الاستقرار مطلب أساسي ودائم ، و المغرب رائد في التعاون الأمني والسياسات الأمنية .
فبعد الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء ، يبدو ان محاولة تحريف النقاش الدولي من قبل الجزائر والذي أراد الدفع نحو امكانية التراجع الأمريكي عن القرار من خلال إهانة قرار الرئيس السابق دونالد ترامب والتشكيك في مصداقيته كرئيس قانوني لأقوى دولة في العالم، ودفع ألمانيا الى التقدم بطلب اعادة النظر في القرار الأمريكي إلى مجلس الأمن لكن جو بايدن بعث بلجنة الى مدينة الداخلة، وهو جواب دون الالتفات الى الخلف، وفي الوقت الذي قامت الجزائر بتحريك عدد من العلاقات وخلق عدد من المناوشات وإطلاق حملة حاولت أن تسخر دبلوماسيتها المعادية لنسف القرار ، متناسية أنها تقحم نفسها بشكل مكشوف وأن إدارة البيت الأبيض هي إدارة الشعب الأمريكي و ليست ادارة دولة ضعيفة الإرادة مثل بعض دول العالم الثالث ، المتقلبة المزاج و الضعيفة الإرادة و التي تراهن عليها الجزائر لكسر المكاسب المغربية، وعليه فإن إفتتاح المزيد من القنصليات بالموازاة مع فشل الجزائر المستمر يرهق الطغمة العسكرية التي تسارع الزمن لتفادي المواجهة الحقيقية مع حراك الشعب الجزائري ومطالبه بتنحية الجيش عن الحكم، والمطالبة بالدولة المدنية ، والواضح أن المقاربة التي يعتمدها المغرب هي منح فرص للدول الإفريقية وليست إغراءا أو تدليسا بنكهة الحرب الباردة والتي لاتجني منها الجزائر إلا التقهقر في حماية مصالحها . والمثال على ذلك المبادلات التجارية و التوأمة بين المغرب و عدد من الدول ، كمعادلة رابح -رابح المختلفة الأشكال في التعامل في إطار علاقات جنوب – جنوب.
فكلما سارعت الجزائر الى خلق مشكل جديد مثل حدث الكركرات و حدث العرجة الا ويقابله المغرب بخطوة ثابتة وناجحة ومثبتة لمشروع قنصلي اقتصادي و دبلوماسي او أمني أو ثقافي أوعسكري جديد … وهكذا تتوالى الانتصارات في محيط دولي انتقالي.
و مادام موضوع الوحدة الترابية هو موضوع يشغل بال الطغمة العسكرية الجزائرية بشكل واضح ، و أن المغرب قد حسمه و انتقل الى مواضيع متطورة وأكثر واقعية و أهمية ، وهو ما يدل على أن قواعد الصراع تغيرت بتغير الهدف من الصراعات التي ما تزال تقليدية عقل الدولة الجزائرية، و الإشادة بالمغرب تزداد نظرا لكونه مدرسة متعددة الاهتمامات بينما الإتهامات الموجهة للجزائر تزداد وسينفذ الوقت المتبقي من أمامها للالتحاق بالركب وسينهار وهم نظرية القوة العسكرية ومعه بسالة العسكري المنتهية الصلاحية.
وآلية الحكم الذاتي الذي أصبح نظاما سياسيا متطورا في كثير من الدول الغربية وهو نظام يؤمن حقوق المواطنين الذين يحسون بظلم الديمقراطية أو التخلف التنموي، والتوجه الذي سار عليه المغرب تؤيده الأمم المتحدة والأمين العام. لذا فلا يجوز للجزائر الاستمرار في خلق صراعات جزئية متعارضة مع الشرعية الدولية . لان الجزئي لا يحتكم إليه الكلي المتمثل في الشرعية الدولية والأممية. ذلك ان هيأة الأمم المتحدة يجب عليها حماية قراراتها، وان تتخذ قرار إنذار وتوبيخ وتوجهه للجزائر واذا استمرت في التلاعب بحقوقها الدولية والمساس بأمن الدول وكأنها تريد نظاما دوليا خاصا بها، فطلب الحجر على نظامها العسكري موجه الى الأمم المتحدة كإجراء ممكن الى حين بناء دولة جزائرية مدنية واعدة تنقذ الشعب الجزائري من ظلم العسكر الذي يخلق ويمول النزاعات ويعبث الثروات باسم الدولة ضدًا في منطق العيش وحرية وحقوق الشعب الجزائري .
والأهمية السياسية لاستمرار افتتاح القنصليات في الصحراء بحوالي 20 دولة اليوم دليل على توجه الدول نحو تثبيت الحل السلمي للنزاع المفتعل وتصريف المجهود والطاقة في المشاريع المربحة ذلك أن الحروب لا تربح احدا، بل هي حصاد للخسائر المادية والبشرية والمعنوية وتستمر أثارها طويلا.
فالدول المؤيدة لفتح القنصليات هي الدول التي تؤيد الشرعية الدولية وتقر بجدية مبادرة الحكم الذاتي وستكون شاهدة وحاضرة ومواكبة في عملية تنزيل لأطوار بناء نظام الحكم الذاتي، و الدفاع عن الحل السياسي وحقوق الإنسان ضمن هذا المشروع، وأيضا الاستفادة من التجربة التي قد تكون بعض الدول الإفريقية في حاجة إلى نقلها، للقضاء على النزاعات الداخلية والفوارق التنموية للمناطق .
كما أن فتح القنصليات فيها تأكيد واقعي وقانوني وسياسي لمغربية الصحراء خصوصا وانه طبقا لاتفاقية فيينا فان المغرب صاحب حق وهو المعني الأول بترابه وسيادته ولم يتخلى يومًا عن وحدته حتى في أحلك الظروف التاريخية.
إن دول غرب إفريقيا وبإقدام دولة السينغال على فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة هو دليل على التوجه الاقتصادي نحو غرب إفريقيا نظرا للشراكة التي تشمل هذه الدول في عدد من المشاريع منها مشروع الغاز القادم من نيجيريا والمتجه نحو أوربا والذي سيليه افلاس الغاز الجزائري وأيضا الشبكة الطرقية والرابط الجغرافي …. بالإضافة إلى التعاون في المجالات الأمنية والتجارية، كما هناك أيضا دول افريقية أخرى ستنحو نفس التوجه لاسيما التي تشملها هذه المشاريع في الظرفية الراهنة والعمل ضمن وحدة إفريقيا والاقتصاد الإفريقي والعلاقات الدولية المختلفة التوجهات والمنافع والمصالح.
وكلما قامت الجزائر بخلق مشكل الا وقابلها المغرب بصفقة مربحة له ولشركائه وهذا يدل على قوة وحنكة الدبلوماسية المغربية و التفكير الرصين وضبط عملية الانتقال الشامل التي تنال الاعتراف الدولي.
فمصداقية المغرب وذكاء المغرب وأرصدة المغرب وعراقة الدبلوماسية المغربية وقوة المدرسة المغربية يمكنها أن تخلص إفريقيا من كثير من التعثرات والأزمات والمشاكل التي كان يستثمرها لوبي الحروب والصراعات عبر سنين بالكذب الإيديولوجي الذي يقبع وراء تخلف الشعوب .

Exit mobile version