Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

البرد القارس وبرودة المسؤولين

لا يوجد شيء أبرد من طقس “الليالي”، التي تقهر الناس في المغرب العميق، غير برودة المسؤولين، الذين نهضوا متأخرين جدا للبحث عن حلول “استيباقية” لموجة البرد القارس. أي حمق أكبر من البحث عن حل استيباقي لأمر واقع على رؤوس الناس؟
اجتماعات في الجهات لما يسمى اللجن الجهوية لمواجهة موجة البرد بعد أن أصبح البرد ليس قارسا فقط ولكن قاتلا، وتجتمع هذه اللجن في صالونات مكيفة وتوجد فيها تدفئة، لمناقشة أمور أناس لا عهد لهم بالدفء كما لا عهد لهم بالشبع، وكما قال المغاربة “ما حس بالمزود غير المشحوط به”.
الطريقة التي يتعامل بها المسؤولون واللجن مع موجة البرد، هي الدليل على أن قطار المغرب يسير بسرعتين غير متكافئتين، سرعة المشاريع الكبرى التي يشرف عليها جلالة الملك، وسرعة السلحفاة التي تسير بها الحكومة والمؤسسات التي تقع تحت تصرفها، والسرعة الثانية حتما ستعرقل الأولى، لهذا نجد كثيرا من المشاريع الاستراتيحية لم يتم السير فيها إلى النهاية.
ما يجري اليوم هو نموذج للطريقة التي تتعامل بها الحكومة والمؤسسات العمومية واللجن القارة والمؤقتة مع كل الوقائع، حيث لا توجد سياسة استشرافية، ولا توجد استراتيجيات واضحة، ولكن يوجد لدينا حكومة ومؤسسات عمومية تتعامل بمنطق “شركة المناولة”، كما قلنا سابقا ونكررها اليوم، أي تقوم بتدبير اليومي دون أي رؤية استيباقية.
ما يسمى عند هذه اللجن باتخاذ إجراءات استيباقية مجرد ضحك على الذقون، لأنه لو كانت فعلا إجراءات استيباقية لتمت مناقشتها قبل هذا الوقت بكثير، بما يعني أن الاجتماعات كان ينبغي أن تكون في شتنبر أو أكتوبر على أقل تقدير، واليوم تجتمع الهيئات التنفيذية لتشرع في العمل وتنفيذ تلك الإجراءات التي سبق اتخاذها.
في زمن ما من تاريخ المغرب القريب طبعا، كانت الجماعات الترابية تقوم في الصيف بتنظيف مجاري المياه العادمة، حتى لا تقع مشاكل في حال هطول غزير للأمطار، وفي هذه الحالة نعتبر ما كانت تقوم، طبعا لم تعد تقوم به، إجراء استيباقيا، أما ما تقوم به اللجن اليوم هو مجرد رفع للعتب بعد أن يكون الأمر قد قضي “واللي عطاه الله عطاه”، وتضرر المواطنون من موجة البرد، التي بدأت منذ مدة دون الحديث عن مرافقتها بأنفلونزا حادة تكاد تصيب جميع المواطنين.
الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع المواطنين تقول إن قطار التنمية لن يسير، لأن التنمية تحتاج إلى جدية في العمل، بينما الحكومة، التي لم يسبق لها أن اتخذت إجراء واحدا لفائدة المواطنين، ليست جادة في عملها وكل ما يهمها هو ضمان مصالح “تجمع المصالح الكبرى”، الذي يعتبر عزيز أخنوش رئيس الحكومة أكبر عناصره باعتباره أكبر تاجر للمحروقات، التي ارتفعت بشكل غير طبيعي، فكيف لحكومة لم تفكر في المواطن الذي يعاني من قساوة الطقس وبرودته وهي تفكر ببرودة قاتلة في كل الأمور؟

Exit mobile version