Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

البرلمان في دورة جديدة

وفقا للدستور والنظام الداخلي لغرفتي البرلمان يتم افتتاح الدورة الربيعية الجمعة المقبل، والدورة البرلمانية لحظة سياسية يمارس خلالها الشعب سلطته عبر ممثليه، كما هي فلسفة “البرلمانات” لما تم خلقها، لكن اليوم ما نراه هو أن البرلمان تحول إلى شكل لا يسر الناظرين.
دور البرلمان هو الرقابة على الحكومة وعمل وزرائها ومحاسبتهم، عبر مساءلتهم عبر جلسات الأسئلة الشفوية وعبر الأسئلة الكتابية، لكن لا ينبغي أن تتحول الأسئلة إلى مجرد “رفع” الكرة للوزير كي يسجل إصابة ضد خصومه، فالبرلماني هو ممثل لدائرته أولا تم الشعب ثانيا، ووجوده في الأغلبية لا يعني شيكا على بياض مقدم للحكومة تفعل به ما تشاء وتضع فيه الرقم الذي تريد.
فمن العيب والعار أن يمر البرلماني على دائرته ولا يرى البؤس الذي تعيش فيه، ويرى فقراء دائرته دون أن ينتبه إلى واقعهم ويرفع مطالبهم للجهات المعنية، ومن العيب والعار أن يرى ذلك ولا يقول “اللهم إن هذا لمنكر”، وهو منكر عظيم.
البرلماني تم انتخابه في دائرته التشريعية بمعنى هو ممثل لهذه الدائرة قبل أن يكون منخرطا في حزب سياسيا ويشكل جزءا من فريقه، وبالتالي فإن تحويل البرلماني إلى مجرد أداة للتضويت هو استهانة به، وتحويل البرلماني إلى مجرد كتلة للتصفيق على ما تأتي به الحكومة هو ضرب لدوره التاريخي، باعتباره هو ضمير الأمة وممثلها، الذي ينبغي أن يدافع عنها.
لا يعني كلامنا هذا ألا يكون للحكومة أغلبيتها، لكن أن تتحول إلى أغلبية ميكانيكية، تقول “آمين” لكل شيء جاءت به الحكومة، فهو يمثل خطورة كبيرة على الدورة السياسية، وهذا غير موجود في كل الديمقراطيات، حتى أن ماكرون، الرئيس الفرنسي هرّب قانون التقاعد عبر بند دستوري خوفا من ألا تصوت عليه أغلبيته، لن كثيرا من البرلمانيين سيمتنعون ضمانا لسمعتهم وسط ناخبيهم.
أن تكون للحكومة أغلبيتها فيما ينفع الناس، لكن إذا جاءت بقرار يضر المواطنين، الذين هم ناخبون يمثلهم البرلماني، فعليه أن يعترض حتى لو كان من الأغلبية.
في الأيام الأخيرة لم يكتف البرلمانيون بالتصويت والتصفيق على ما تأتي به الحكومة، وهو حتما ضد المواطنين، بل تحولوا إلى مدافعين شرسين يواجهون كل من سولت له نفسه انتقاد الحكومة ورئيسها، بل اعتبر بعض البرلمانيين، أن دعوة الشبيبة الاشتراكية إلى الاحتجاج في الشارع هو دعوة للفوضى، في وقت كان على البرلماني أن يطالب بحماية الدستور، الذي أعطى الحق في الاحتجاج وفق القوانين الجاري بها العمل، فما دور البرلماني إن لم يكن رقيبا على عمل الحكومة؟
الدورة سيتم افتتاحها وستبدأ رحلة أخرى من النقاشات، التي سيكون الغرض منها هو الظهور في التليفيزيون، بينما الأدوار الحقيقية للبرلماني هي الرقابة والتشريع وتجويد القوانين، أما التصفيق فله أهله في التجمعات الحزبية، فصة البرلماني ينبغي أن تطغى على كل الصفات الأخرى.

Exit mobile version