Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

البنك الدولي يكشف نقاط قوة القطاع الخاص لمواجهة أزمة “كورونا”

كشف البنك الدولي، أن” المغرب يشهد تعثُّر رغم جهوده لإصلاح مناخ الأعمال من جراء تفشِّي جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19″، فمن المقاولات الكبيرة إلى مؤسسات الأعمال الأصغر حجما، بدأت منظومة مؤسسات الأعمال في المغرب تشعر بوطأة هبوط النشاط الاقتصادي العالمي والمحلي.
و افادت ورقة بحثية لجيسكو هنتشيل وخافيير رايلي، ان مجموعة البنك بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال اجرت استقصاء للمتابعة بين يوليوز وغشت 2020 لتقييم الآثار الأولية للأزمة، شمل 4.3 ملايين أسرة يعتمدون على العمل في القطاع غير الرسمي سواء العمل الحر أو العمل بأجر في شركات القطاع غير الرسمي، حيث بينت نتائج الاستقصاء آثار الأزمة التي بدأت تتكشَّف، و أضرت التداعيات المحلية والعالمية للأزمة مجتمعةً بشدة بأداء الشركات والسيولة المتاحة لها وملاءتها المالية، حيث خرج من السوق إلى الآن ما لا يقل عن 6% من الشركات. كما أن مؤسسات الأعمال التي نجت من موجة الإغلاقات ليست بمنأى عن التحديات الراهنة المتعلقة بالسوق، وتلحق أجواء عدم التيقن والشكوك المتفشِّية الضرر بالاستثمار بشدة، فقد كشفت 82% من الشركات عن تراجع الطلب على منتجاتها وخدماتها، وخسرت الشركات المغربية نحو نصف (47%) مبيعاتها خلال الجائحة. وكانت مؤسسات الأعمال الصغيرة الأقل قدرة على الصمود في وجه الصدمات، إذ فقدت 50% من مبيعاتها. وبالمقارنة، فقدت الشركات الأردنية والإيطالية 51% و47% على الترتيب.
وأدى تراجع عمليات الشركات إلى تقليص أعداد العمال، أعلنت 50% من الشركات المغربية تخفيض إجمالي ساعات العمل الأسبوعية، وقلَّصت 14% منها العدد الإجمالي للعمال الدائمين، وأسفر ذلك في المتوسط عن تقليص عدد العمال الدائمين بنسبة 4%. وبالمقارنة، قلص الأردن وإيطاليا عدد العمال الدائمين بنسبة 19% و3% على الترتيب.
و كشفت الأزمة عن أوجه قصور هيكلية في تكوين القطاع الخاص في البلاد. وثمة تحد متنامٍ يتجلَّى في الفجوة الكبيرة في القدرة على المنافسة بين القطاعات الحديثة “السيارات وصناعة الطيران” والقطاعات ذات الإنتاجية المنخفضة أو المتراجعة “مثل الحرف اليدوية أو المنسوجات، ولا تزال الشركات المغربية قابعة في مصاف القطاعات ذات القيمة المضافة المنخفضة من سلسلة القيمة مثل قطاع شركات الكابلات، وفي الكثير من القطاعات، لا تزال الشركات تشهد استقطابا بين قلة من الجهات الفاعلة المهيمنة والراسخة في أوضاع احتكارية أو تتسم باحتكار القلة، وأغلبية من مؤسسات الأعمال الصغرى والصغيرة والمتوسطة ذات القدرات التنافسية الضعيفة والتي تؤلف نحو 93% من جميع الشركات “المندوبية السامية للتخطيط 2019”.
وينطوي الحصول على الائتمان والاستدامة المالية على تحديات إضافية. فقد أظهر استقصاء 2019 أن 28% من الشركات المشاركة فيه تعتقد أن الحصول على التمويل مبعث قلق. وفي استقصاء المتابعة، تبيَّن أن 62% من الشركات (مقابل 50% في إيطاليا) عجزت عن الوفاء بالتزاماتها المالية، وسجلت الشركات الصغيرة أعلى معدلات التأخر في سداد المدفوعات المستحقة عليها.
وبدأت ريادة الأعمال والابتكار في الازدهار في المغرب، وهما الركيزتان الأساسيتان لدينامية القطاع الخاص. ومع ذلك، فإن الشركات حديثة العهد لا تزال تلقى صعوبة في الحصول على التمويل في مراحلها التأسيسية، وما زال المناخ العام لخدمات المساندة المالية والاستشارية مُعقَّدا. وقد يتيح تبسيط هذا الوضع لرواد الأعمال سبيلا مٌيسَّرا للانتقال من مرحلة التصور إلى مراحل تدبير التمويل والتشغيل. ولا تزال مؤهلات الأيدي العاملة -وهي عامل رئيسي لدينامية القطاع الخاص- مبعث قلق في المغرب بالمقارنة مع البلدان النظيرة (30% من الشركات المغربية ترى أن عدم التأهيل الكافي للأيدي العاملة يُعد إحدى العقبات الرئيسية أمام أعمالها مقابل 20% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) على الرغم من أن 38% من الشركات تقدم تدريبا رسميا منتظما لموظفيها.
و يتمتع القطاع الخاص المغربي بالقدرة على الاستفادة من زخم التغيير في الانطلاق والحفاظ على خصال الابتكار والمرونة التي تجلت في المراحل الأولى للجائحة، حيث استطاع عدد من مؤسسات الأعمال اتخاذ مواقع لها في القطاعات الإنتاجية المتصلة بالاستجابة للجائحة.
و تشكل أزمة جائحة كورونا تحديا جسيما، لكنها مع ذلك تتيح فرصةً فريدةً للقطاع الخاص المغربي لإحداث تحول في نموذجه الإنتاجي وتعزيز قدرته على المنافسة. وتبرز في السياق الراهن بعض الفرص للمغرب للنهوض بمكانته.
و سيتعيَّن بعد أزمة كورونا إعادة النظر في القيود الناجمة عن تزايد اتجاه “التجزؤ والتفتت” الذي شهدته فيما مضى سلاسل القيمة العالمية . وسيتطلب هذا أن تعيد الشركات متعددة الجنسيات النظر في أوضاعها وتعمل على توطين سلاسل القيمة التابعة لها لتخفيف آثار الصدمات في المستقبل. ويتيح هذا فرصة فريدة للقطاع الخاص المغربي للإندماج في سلاسل القيمة العالمية ولجعل المغرب مركزا صناعيا مستداما ومراعيا للبيئة يربط بين أفريقيا وأوروبا.
التنافسية في السوق: إن النهوض بالتنافسية والقدرة على المنافسة في السوق بإصلاح أنظمة المشتريات العمومية ومراجعة التعريفات الجمركية تمثل خطوات حاسمة لتهيئة تكافؤ الفرص للشركات المحلية ذات الأداء الجيد لاسيما المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة وتمكينها من النمو وخلق فرص الشغل.
رأس المال البشري: يُعد الاستثمار في قوة عاملة تتمتع بالمهارات عاملا حيويا لزيادة التنافسية، والحد من البطالة، وتحقيق زيادات في معدلات الإنتاجية تشتد الحاجة إليها لتحفيز نمو القطاع الخاص.
القدرة على الحصول على التمويل: يعتمد التمويل لمؤسسات الأعمال الصغرى والصغيرة والمتوسطة اعتمادا كبيرا على البنوك. واليوم يمكن الاستفادة من حلول الاستثمار المباشر وأسواق رأس المال في تمكين الشركات التي تتسم بحسن الأداء في تدبير رأس المال من مستثمري القطاع الخاص والمؤسسات، لاسيما في أعقاب الأزمة، حينما تعرض البنوك تسهيلات ائتمانية كبيرة على الشركات لتلبية احتياجاتها الملحة من السيولة.
دمج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد: من الضروري تحقيق الدمج التدريجي للقطاع غير المهيكل في الاقتصاد من خلال تدابير تنشيط كافية في إطار المالية العامة، وتسهيل الحصول على التمويل وتيسير تكلفته. ومع ذلك، فإن تقليص الأنشطة غير الرسمية على نحو فعال سيتطلب اتباع نهج متعدد الجوانب، يتضمن إصلاحات هيكلية للقطاع الخاص، مثل تلك المذكورة آنفا، ولكن أيضا استثمارات عريضة وطويلة الأمد في رأس المال البشري بالبلاد. وفيما يتصل بالأجزاء الكبيرة من القطاع غير الرسمي، لاسيما الشركات الكثيرة التي تعتمد على فرص الشغل ذات الإنتاجية المنخفضة التي تكون في الغالب في مجال العمل الحر في المناطق الحضرية والقروية على السواء، فإن تحسين مستويات الرفاهة داخل القطاع غير الرسمي من خلال الشمول المالي والرقمي وكذلك بناء المهارات الأساسية سيكون عاملا جوهريا في تحسين رفاهتهم.
توليد القيمة: من الضروري تقوية الصلة بين الاستثمارات الأجنبية المباشرة ونمو مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة المحلية حتى تتولَّد مكاسب تتعدَّى القطاعات الرئيسية سريعة النمو “مثل السيارات وصناعة الطيران”.

Exit mobile version