Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

التفلزة و”عقوبة” رمضان

كلما اقترب شهر رمضان نعيد دائما نفس الأسئلة ونفس الاحتجاج ونفس التذمر، وكأن القائمين على التلفزة المغربية لا يعنيهم الجمهور، الذين ينسون أنه هو من يؤدي ثمن السيتكومات والمسلسلات والسلسلات والكابسولات، التي أصبحت مملة وحامضة بشكل كبير ولا تطاق، ولم تفتح الشركة نقاشا حول الموضوع لتعرف ما الذي يريده الجمهور، كما لم تفتح باب المنافسة للشركات والفنانين والمنتجين والمخرجين لاختيار الأجود.
هذه التلفزة ليست تجارية ولكنها تلفزة عمومية وتمول من المال العام أي من جيوب دافعي الضرائب. فمن تنافس إذن؟ مادام التمويل عموميا فلماذا البحث عن “البوز”؟
في الدول التي فيها حكومات تحترم نفسها يمنع على الإعلام العمومي الإشهار لأنه إعلام يمول من أموال دافعي الضرائب. الإشهار يمنع الحياد، الذي ينبغي أن يتميز به الإعلام العمومي تجاه الفاعلين، والشركات فاعلة.
البحث عن الأكثر مشاهدة ليس من مهام تلفزة يمولها الشعب، وهذه من مهام التلفزات التجارية، التي تبحث عن المشاهدات كي تحولها إلى وسيلة لجلب الإشهار، وهذا حقها، لكن ما الذي يدفع تلفزة عمومية ليست في حاجة إلى الإشهار أصلا لأن تمويلها مضمون إلى اقتناء التفاهة بدعوى كثرة المشاهدة.
وبالمناسبة فكثرة المشاهدات لا تعني نجاح العمل، خصوصا عندما تتم برمجته وقت الذروة أي ساعة الإفطار، لأن المغربي من طبعه ألا يغادر إلى القنوات الأخرى ساعة الإفطار وبالتالي تجتمع العائلات على مائدة رمضان وتشاهد تلفزة البلاد، بحكم الثقافة، فمشاهدة التلفزة المغربية مع الإفطار هي مجرد تعود، ولا يمكن بالتالي اعتبار عدد المشاهدات من معايير النجاح.
لماذا تتميز الإنتاجات الرمضانية بالتفاهة؟
هناك سبب رئيسي للتفاهة، وهي تكريس شركات بعينها كل سنة، تتولى الإنتاج، بمعنى أنه لا توجد منافسة في الميدان وبالتالي فإن الشركات المذكورة مطمئنة على “رزقها” ولا يهمها الجودة لأن أي عمل أنتجته سيتم بثه كيفما كان، وحتى في حالة الملاحظات لا يتم سوى خصم مبلغ زهيد لا يسمن ولا يغني عن جوع.
ما معنى أن تهيمن شركات بعينها سنويا على الإنتاج؟ من غير الطبيعي ألا تتم المنافسة بين شركات أخرى؟ كيف يمكن أن تنتج الجودة دون منافسة؟ الروتين يولد التفاهة. والتكرار يقتل الإبداع. لا يمكن الحديث عن الإبداع في غياب تعدد الرؤى وتعدد الإنتاجات، بل سعي الشركات المنتجة والمخرجين والفنانين إلى ضمان العودة مرة ثانية، أما والشركات ضامنة للإنتاج إلى أن يتم التغيير في القطب العمومي وشركاته فإن الجودة تبقى مجرد خيال ومطلب بعيد المنى.
شركات أنتجت الكثير وأكثر من التفاهة ويتم انتقادها سنويا ولا تتزحزح من مكانها وتحصل على ما تحصل عليه سنويا وفي كل رمضان، وفنانون أبهروا المشهد الفني بإنتاجهم يتم استبعادهم وحرمان الجمهور من فنهم، هذه هي المعادلة الصعبة، التي ينبغي تفاديها السنة المقبلة أما هذه السنة فقد أصدر العرايشي فرمانه الخالد ووقعت الفأس على الرأس “والله يصبر المغاربة ويتقبل صيامهم في شهر رمضان”.

Exit mobile version