Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الجدية منهج دولة ومجتمع

لكل خطاب كلمة مفتاح أو مفهوم مركزي تدور حوله مفاهيم فرعية، والخطاب الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش المجيد جعل من “الجدية” مفهوما مركزيا، واستعمال الجدية هنا مختلف عن الاستعمال العادي، لأنها هنا مفهوم ضمن خطاب متكامل، يتوسع ليصنع خارطة طريق ومنهج دولة ومجتمع.
الجدية موجودة في كل القواميس وكل اللغات، ومنها اللغة العربية، لكن الخطاب الملكي أصر على نعتها بـ”الجدية بمعناها المغربي الأصيل”.
الأصيل هنا تعود على المعنى وهي كذلك وقد تعود على المغربي وهي كذلك. فالمعنى الأصيل مختلف عن المعنى المستور، والمغربي الأصيل هو الشجاع والمقدام وهو رجل التضحيات من أجل الآخرين أما أصحاب الفرص وانتهاز اللحظات واقتناص الأوقات واستغلال المناصب فلا علاقة لهم بالأصالة المغربية.
الجدية مفهوم مغربي قح وأصيل غير مستور ومنفتح على ما هو موجود في العالم.
الجدية ثقافة، والثقافة هنا بمعناها الواسع والعام، حيث يعتبر الدين الإسلامي أبرز مكوناتها، وهو الداعي إلى إتقان العمل، وأكثر من ذلك أن أي عمل غير مسبوق ب”النية” هو عمل مكتوب عليه الفشل، والنية كمفهوم مغربي معادلها العربي هو “النية الحسنة”، التي تسبق كل شيء، وهي التي انتشرت مع فوز المنتخب المغربي بأرقى المراتب في مونديال قطر، الذي وصل فيه المنتخب المغربي إلى نصف النهاية وهو ما لم يكن في حسبان أحد.
قلنا بأن الجدية هي منهج دولة ومجتمع، بمعنى أنه ينبغي أن تكون ثقافة الجميع. ينبغي أن تكون الجدية العنصر الحاكم على الأسرة والمؤطر لها، وبدون جدية داخل الأسر لا يمكن تكوين شباب المستقبل.
والجدية ينبغي أن تطبع عمل المدرسة.
والجدية ينبغي أن تكون عنوان العمل السياسي وتطبع بطابعها القيادات السياسية، وقصة الحزب هو المؤسسة فيها مسامحة ، فالأشخاص لهم تأثير واضح على المؤسسات، وبالتالي الجدية تنطلق من الزعيم، الذي يكون هدفه خدمة الصالح العام.
وإذا توفرت الجدية في الأحزاب السياسية ستتوفر حتما في الحكومة، التي تحولت مع كامل الأسف إلى منصة للتسلق لكل قريب من القيادة، وغذا انطبعت الحكومة بالجدية سينعكس ذلك حتما على باقي المستويات من الإدارة، وحينها نكون أمام ثقافة عامة وأمام منهج عنوانه “الجدية”.

Exit mobile version