Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الجزائر من عشرية الإرهاب إلى عشرية إسرائيل

تحاول الجزائر التسويق لمغالطات كثيرة فيما يتعلق بعلاقة المغرب بإسرائيل أو بزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي وتوقيع مجموعة من الاتفاقيات بين البلدين ذات الطابع الأمني والاستخباراتي، لكن الحقيقة هي أن هذا البلد غير معني بالموضوع، إلا أنه يريد الاستثمار فيه تأجيلا للحسم الداخلي، الذي يطالب به المجتمع من خلال الحراك الممتد منذ ثلاث سنوات، والذي تم الالتفاف عليه بمجموعة من الإجراءات، التي لم تكن سوى تصفية حسابات بين تيارات النظام العسكري، الذي وضع قصر المرادية كواجهة مدنية.
الجزائر لا تريد أن تستوعب أن المغرب مختلف عنها تماما، ولكل بلد مساره وسياقات تكوينه، فإذا كان المغرب انتقل من الدولة التقليدية إلى الدولة الحديثة، فإن الجزائر انتقلت من نظام الإيالة إلى الاستعمار الفرنسي تم الدولة الحديثة، وإذا كان المغرب تبنى نظام التعدية الحزبية منذ بداية الاستقلال، فإن الجزائر ما زالت تشترط في رئيس الجمهورية أن يكون قد انتمى إلى الحركة الوطنية. فلكل بلد إذن خياراته المبنية على طبيعة الدولة ومؤسساتها والنظام والإيديولوجية والتاريخ والجغرافية. فلا أحد شبه الآخر.
ففي الوقت الذي كان المغرب في التسعينات يبني توجها جديدا فيه مصالحة المؤسسات مع المعارضة، كان النظام الجزائري يؤشر على دخول الدولة في حقبة دموية كبيرة ستعرف بعشرية الإرهاب، وكان المغرب حينها يسعى لإدماج الإسلاميين، باعتبارهم بالنتيجة أبناء البلد بأفكار مختلفة قد تكون مغلوطة، لكن يمكن إدماجهم، وقد أصبح طرف منهم حزبا سياسا قاد الحكومة لمدة عشر سنوات، في هذا الوقت بالذات فازت جبهة الإنقاذ الإسلامية بالانتخابات، فنظم العسكر انقلابا ضد نتائج الصناديق.
لم يكتف النظام العسكري بالانقلاب على نتائج الصناديق ولكن بإبداع فكرة القتل وممارسته حتى يقوم بتخويف الشعب من “بعبع” الإرهاب، وقبل يومين توفي بميدلت راهب فرنسي هو الوحيد الناجي من مجزرة تيبحرين في الجزائر، والتي تمت نسبتها إلى الجيش الإسلامي للإنقاذ، لكن تقارير كثيرة تشير إلى تورط المخابرات الجزائرية فيها قصد تخويف الناس والدول.
اليوم ماتت أسطورة الإرهاب، فلابد للنظام من الاستثمار في أمر آخر وهو العداء للمغرب. من غير المعقول أن يتعامل النظام الجزائري بحقد بعد الدعوة الملكية لفتح صفحة جديدة. لكن النظام العسكري يخاف من عدوى البناء في المغرب. واستثمر كثيرا اليوم في عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
العلاقات بين البلدين جاءت في مسار مختلف عن العداء الذي يقوده النظام العسكري ضد المغرب. هي تأتي في إطار حق سيادي لبلد حر يبحث عن مصالحه، بحد أدنى من المبادئ، حيث نص البلاغ الذي أعقب الاتفاق الثلاثي المشترك على أنه لا تقدم في هذه العلاقات دون العودة إلى مسار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع التأكيد الملكي لمحمود عباس على أن المغرب متشبت بالحق الفلسطيني وما زال يقدم الخدمات في القدس المحتلة، بينما تقدم الجزائر الكلام الفارغ.
القصة ليست إذن هي وجود إسرائيل غرب الجزائر وهي غير موجودة طبعا، لأن المغرب لا يسمح بأي وجود، والعلاقة مع تل أبيب شبيهة بالعلاقة مع باقي العواصم مع فارق في منسوبها مثلها مثل غيرها، لكن النظام العسكري يستثمر فيها ليربح الوقت ضد الحراك.

Exit mobile version