Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الخزينة توظف 2,1 مليار درهم في يوم واحد.. إدارة نشطة للسيولة وتوازن مالي محسوب

في خطوة تعكس دينامية الإدارة العمومية في تدبير الفوائض المالية قصيرة الأجل، أعلنت مديرية الخزينة والمالية الخارجية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، عن تنفيذ عمليتي توظيف لفائض الخزينة بقيمة إجمالية بلغت 2,1 مليار درهم، وذلك عبر آليتين ماليتين تختلفان من حيث الضمان وسعر الفائدة.

وبحسب بلاغ رسمي صادر عن المديرية، فقد تم توظيف الجزء الأكبر من هذا المبلغ، أي 1,9 مليار درهم، عبر آلية إعادة الشراء (repo)، وهي عملية تُستخدم في العادة لضمان تدبير محكم للسيولة، حيث تم التوظيف لمدة يوم واحد فقط، بسعر فائدة بلغ 1,93 في المائة، ما يعكس ثقة الأسواق في استقرار الأدوات المالية السيادية.

أما العملية الثانية، والتي جرت بدون ضمان، فقد همّت مبلغ 200 مليون درهم، وتمتد بدورها ليوم واحد، بسعر فائدة أعلى بلغ 2,25 في المائة، وهو ما يُفهم منه أن الحكومة مستعدة لتوسيع هامش المناورة في إدارة فائض السيولة، حتى خارج إطار المعاملات المضمونة.

ويأتي هذا التوظيف في سياق تؤكد فيه الحكومة تحكمها في المؤشرات الكبرى للمالية العمومية، وهو ما عبّر عنه مؤخراً الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، الذي أكد أمام البرلمان أن الميزانية تسجل فائضاً يفوق 750 مليون درهم حتى نهاية مارس 2025، مشيداً بارتفاع العائدات الجبائية بنسبة غير مسبوقة.

رسائل متعددة للسوق والمستثمرين

من الناحية التحليلية، يمكن قراءة هذه التوظيفات كإشارة مزدوجة للأسواق: أولاً، أن الخزينة تمتلك فائضاً نقدياً كافياً لتسيير التزاماتها قصيرة الأجل دون الحاجة إلى تمويل إضافي؛ وثانياً، أن هنالك مرونة كبيرة في استخدام أدوات السوق المالية لتصريف السيولة، سواء عبر أدوات مضمونة أو غير مضمونة، ما يمنح المؤسسات المالية مؤشراً إيجابياً على الاستقرار المالي العام.

ويرى عدد من المراقبين أن هذه الخطوة تدخل أيضاً في إطار تعزيز الثقة بين المؤسسات المالية والحكومة، خاصة مع استمرار دعم صندوق النقد الدولي للمغرب عبر خط الاعتماد المرن الذي أُعيد تفعيله مطلع أبريل بقيمة 4.5 مليار دولار، مما يوفر دعماً خارجياً إضافياً للمالية العمومية.

الإبقاء على التوازن بين السيولة والانضباط المالي

ومع تنامي العائدات الجبائية، يبقى الرهان الأساسي متمثلاً في الحفاظ على هذا التوازن بين السيولة المتاحة وضبط الإنفاق، لا سيما في ظل التزامات ثقيلة كالحوار الاجتماعي، والدعم المباشر، ومشاريع التغطية الصحية. وفي هذا السياق، فإن عمليات توظيف الفوائض تعكس درجة عالية من الانضباط المالي والتخطيط قصير الأمد، بما يتيح مواجهة أي طارئ دون الإضرار بالاستقرار العام.

وبينما يتجه المغرب نحو تسريع استثماراته في البنية التحتية الصناعية وتحقيق سيادة اقتصادية تدريجية، تبقى فعالية تدبير السيولة العمومية واحدة من الركائز التي يراهن عليها صانع القرار المالي لضمان مناعة الاقتصاد الوطني في بيئة إقليمية ودولية غير مستقرة.

Exit mobile version