Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الخلفي: مشروع تنظيم المجلس الوطني للصحافة “نكسة ديمقراطية” ويعيد المغرب إلى الوراء

في موقف واضح يعكس عمق القلق داخل الجسم الإعلامي المغربي، وصف مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الأسبق، مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بـ”النكسة” التي تهدد بتقويض مكتسبات عشرين سنة من التراكم في مجال التنظيم الذاتي والديمقراطي للمهنة.

وفي مداخلة قوية ألقاها خلال لقاء دراسي نظمته المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب حول مشروع القانون رقم 26.25، أكد الخلفي أن هذا النص “يفتقر إلى مقاربة تشاركية حقيقية”، مقارنة بالسياق الذي أسس للقانون السابق، الذي جاء بعد مشاورات طويلة استمرت لعشر سنوات بين 2005 و2015، وشملت كافة الفاعلين من وزارات ومؤسسات ونقابات وهيئات مهنية.

الخلفي انتقد بشدة “الطابع الشكلي” للتعديلات التي جاء بها المشروع، مشيراً إلى أنها لم تُحدث أي تحول نوعي، ولم تلامس الإشكالات الجوهرية التي تواجه قطاع الإعلام اليوم، من قبيل الرقمنة، وأوضاع الفئات الجديدة في الحقل الصحافي، وتمثيلية الجمهور، وإطار قانوني للوساطة والتحكيم.

وأبرز الوزير الأسبق أن المشروع تضمّن ما اعتبره “تراجعات خطيرة”، من أبرزها إدخال نظام مزدوج في تمثيلية أعضاء المجلس: انتخاب مباشر للصحافيين، وانتداب غير مباشر للناشرين، وهو ما اعتبره انقلاباً على مبدأ التمثيلية الديمقراطية الموحدة الذي كرسه القانون السابق، وأساساً من أسس التنظيم الذاتي المستقل.

وفي السياق ذاته، ندد الخلفي باعتماد معيار رقم المعاملات لتحديد تمثيلية الناشرين، عوضًا عن معيار التعددية والمقروئية، الذي يُستخدم أساساً في صرف الدعم العمومي، مؤكداً أن هذا التوجه “يعزز هيمنة المؤسسات ذات الرأس المال الكبير ويقصي الفاعلين المتوسطين والصغار من حقهم في التمثيل”.

ولم يغفل المتحدث التنبيه إلى “المخالفة الدستورية الصريحة” في تكوين لجنة الإشراف على الانتخابات، بعد أن منح المشروع للحكومة حق تعيين ثلث أعضائها، وهو ما اعتبره “تدخلاً سافرًا في مؤسسة يُفترض أن تكون مستقلة”، في تناقض مع الفصل 28 من الدستور المغربي.

أما النقطة الأكثر جدلاً، فكانت إعادة منح المجلس الوطني للصحافة صلاحية توقيف الصحف لمدة تصل إلى 30 يومًا، حسب المادة 97 من المشروع، وهو ما وصفه الخلفي بـ”العودة إلى الوراء”، مؤكداً أن هذا الإجراء يخالف مبدأ الفصل بين السلط ويُعيد اختصاصاً سبق أن نُزع من المجلس لصالح القضاء.

وفي ختام كلمته، دعا الخلفي البرلمان إلى “التحلي باليقظة والمسؤولية”، مطالباً بمراجعة شاملة للنص القانوني، وفتح مشاورات واسعة مع مختلف المتدخلين في القطاع، بما يضمن احترام روح الدستور، وتجنيب المغرب الانزلاق نحو نماذج تُقيد حرية الصحافة وتُفرغ التنظيم الذاتي من مضمونه.

ويأتي هذا التحذير في وقت يتصاعد فيه الجدل حول هذا المشروع، خاصة بعد تهميش الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، وتأجيل الندوة الصحافية التي كان من المرتقب أن يعقدها وزير الثقافة المهدي بنسعيد، ما فتح المجال لتأويلات تتحدث عن إعداد القانون في “ظروف غير شفافة” وبتسرع سياسي قد يُجهز على تجربة ديمقراطية فريدة في المنطقة.

Exit mobile version