Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الداكي يدعو للتشريع لعقوبات بديلة تواجه إكتظاظ السجون

شدد مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، خلال الندوة الدولية المنظمة حول موضوع “العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية وعدالة الأحداث، على أن بدائل الاعتقال الاحتياطي والتدابير البديلة للعقوبات السالبة للحرية تحتل مكانة متميزة في تنفيذ السياسة الجنائية المعاصرة، خاصة وانها أصبحت محل توافق حقوقي دولي ومطلب قضائي عملي، من شأن إدراجها في التشريعات الوطنية وتفعيلها على الوجه المطلوب أن يسهم في تخفيف وطئ العقوبات الحبسية قصيرة المدة واثارها السلبية، لا سيما تلك المرتبطة بتفاقم مشكلة الاكتظاظ السجني الذي أضحى ظاهرة عامة تشهدها العديد من النظم العقابية.
وأكد الداكي، أن حتمية هذا النقاش تزداد عندما يتعلق الأمر بأحداث دون سن المسؤولية، حيث تقضي فلسفة عدالة الأحداث اعتبار جميع الأطفال في تماس مع القانون، سواء كانوا ضحايا أو جانحين أو في وضعية صعبة أطفالاً محتاجين للحماية، وهم على اختلاف أوضاعهم يعتبرون ضحايا عوامل وظروف شخصية واجتماعية ساقتهم إلى التماس مع القانون، وينبغي لآليات العدالة أن تتقصى مصلحتهم الفضلى عند اختيار التدبير الأنسب لهم، ومما لا شك فيه أن الإيداع بالمؤسسات وسلب الحرية يجب أن يكون آخر ملاذ يتم اللجوء إليه، وعلى نظم العدالة توخي أنجع السبل لتكييف الإجراء القانوني مع الظروف الخاصة للطفل، والحرص أولا وأخيراً على إبقائه في كنف أسرته ووسطه الطبيعي، لذا فإن خيار البدائل بالنسبة للأطفال هو أكثر إلحاحاً إذ يضعنا أمام رهان تحقيق المصلحة والإصلاح والتأهيل والإدماج دون اللجوء إلى سلب الحرية، وذلك باعتماد آليات معترف بها دولياً كالعدالة التصالحية ونظام تحويل العقوبة وبدائل أخرى أثبتت فعاليتها كالعمل لفائدة المنفعة العامة أو التدابير الرقابية الخاصة بالأحداث
وقال الداكي، إذا كانت العقوبات السالبة للحرية تعرف انتشارا عالميا كجزاء تقره القوانين لتحقيق الردع العام والخاص، فإن الدراسات والتقارير الدولية الصادرة عن الهيئات الأممية كمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، واللجنة الدولية للعدالة الجنائية والوقاية من الجريمة تؤكد أنه على مستوى الممارسة فإن اللجوء العام إلى عقوبة السجن يتصاعد، دون إمكانية البرهنة على أن ذلك ينتج عنه تحسن في مؤشرات الأمن والسكينة العامة. ففي العالم حاليا ملايين السجناء، يتوزعون ما بين معتقلين احتياطيين ومدانين نهائيين، ولا شك أن الأرقام التي لا زالت تسجل سنويا ترسم خطا تصاعدياً في معظم البلدان، كانعكاس موازٍ للدينامية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي يعرفها عالم اليوم إلى جانب ارتفاع الكثافة السكانية ومعدلات الجريمة.
وإذا كانت آثار السجن عموما وخيمة وتغرق الدول والأفراد في أعباء مختلفة منها ما هو مادي واقتصادي، ومنها ما هو اجتماعي وأسري، فإن هذه الآثار تكون أكثر شدة إذا انصب سلب الحرية على طفل متورط في ارتكاب جرم، فإصلاح الأحداث ورعاية مصلحتهم الفضلى يقتضي أن يكون تدبير الاعتقال أبعد ما أمكن عن عدالة الأحداث.
وأشار الداكي، الى أنه سبق لرئاسة النيابة العامة في تقاريرها السنوية الصادرة منذ سنة 2017 أن دعت إلى التعجيل باعتماد العقوبات البديلة، خاصة الخيارات المطروحة حاليا والتي تشمل العمل لأجل المنفعة العامة والغرامات اليومية والمراقبة الالكترونية وتقييد بعض الحقوق والحريات، والتي ستكون بداية حسنة لانطلاق ورش تنفيذ العقوبات البديلة بحقل العدالة الجنائية على المستوى الوطني.

من جهته أكد رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عبد المجيد البنيان ، أن هذه الندوة العلمية إلى تسليط الضوء على بدائل العقوبات والتدابير السالبة للحرية في التشريعات العربية وغير العربية من حيث التقنين والتطبيق، وكذلك إبراز طبيعة تعاطي الأجهزة القضائية مع ما تتيحه المنظومات القانونية من العقوبات البديلة التي تخوّل الاستغناء عن التدابير السالبة للحرية، وستركّز الندوة كذلك على بيان سبل تعزيز جهود مؤسسات المجتمع المدني التي تسعى إلى توسيع نطاق تطبيق العقوبات البديلة وتحديث الترسانة التشريعية ذات الصلة لغاية تجديد آليات العدالة الجنائية العقابية في الدول العربية.
واقتناعا منها بأهمية اعتماد العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية كوسيلة لتطوير أداء العدالة الجنائية بالدول العربية، فقد أولت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية اهتماما بالغا بالموضوع ترجمه تعدد الأنشطة العلمية ذات الصلة، حيث أنجز الباحثون في الجامعة العديد من الدراسات العلمية المحكّمة وأوراق السياسات المتعلقة بالعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، كما حثت الجامعة طلابها وطالباتها إيلاء الموضوع ما يستحقه من عناية ، وقد عقدت الجامعة العديد من المؤتمرات والندوات العلمية المتعلقة بالعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية وذلك بالاشتراك مع الاجهزة العدلية لبعض الدول العربية، ومنها الندوة العلمية الاولى للعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية التي انتظمت في الجمهورية الجزائرية في عام 2018 وتلتها ندوة علمية ثانية أقامتها الجامعة عن بعد اثناء جائحة كورونا في عام 2020 م؛ أما الندوة الثالثة فقد التأمت في ديسمبر 2021 في العاصمة التونسية وهانحن نلتقي اليوم لنفتتح النسخة الرابعة من سلسلة الندوات التي تناولت هذا الموضوع الهام.

وشدد البنيان، على أن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وانطلاقا من خطتها الاستراتيجية ٢٠١٩ – ٢٠٢٣ تهدف الى ان تكون الموسسة التعليمية الاولى في إعداد القادة والخبراء العرب في المجالات الامنية ولذلك أطلقت الجامعة مجموعة من البرامج الاكاديمية لخدمة الأجهزة الأمنية والعدلية في مجالات القانون الجنائي والعلوم الجنائية وعلم الجريمة والجرائم السيبرانية والتحقيق الرقمي والأدلة الجنائية و النزاهة المالية، كما تقدم الجامعة مجموعة كبيرة من البرامج التدريبية في المجالات ذات الآولوية مثل مكافحة الجرائم الاقتصادية بما فيها جرائم الاحتيال المالي وغسل الأموال و الجرائم العابرة للحدود الوطنية و مكافحة المخدرات والعديد من الدورات التدريبية الأخرى التي تهدف لتلبية احتياجات الأجهزة الأمنية والعدلي، اما على مستوى الدراسات والبحوث العلمية فقد رفدت الجامعة المكتبة العربية بأكثر من ٧٠٠ كتاب في مجالات متعددة كما قدمت الجامعة المئات من الدراسات العلمية وأوراق السياسات بهدف دعم اتخاذ القرار وصياغة السياسات الوطنية الهادفة لمكافحة الجريمة وتعزيز الامن الوطني.
و تنظم رئاسة النيابة العامة بشراكة مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، ندوة علمية حول موضوع: “العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية “.
ويشارك في هذه الندوة العلمية الهامة بالإضافة إلى 100 مشارك من السلك القضائي المغربي ومن القطاعات المعنية بحقل العدالة، 40 مشاركا ينتمون إلى دول عربية شقيقة هي: السعودية، الأردن، السودان، تونس، مصر، البحرين، الكويت، عُّمان وفلسطين.
وترمي هذه الندوة العلمية، التي يقوم بتأطيرها خبراء مغاربة وعرب وأوربيين، إلى تعزيز قدرات السادة المشاركين، لاسيما السادة القضاة العاملين في قضاء التحقيق وقضاء الأحداث والنيابة العامة، حول الممارسة الفضلى في مجال بدائل العقوبات السالبة للحرية، لأجل التخفيف من حالات الاعتقال الاحتياطي في صفوف الرشداء والأحداث، وتطوير أداء منظومة العدالة الجنائية الوطنية.

Exit mobile version