الدولة الاجتماعية عنوان كبير وشريف، لكن طريقة الحكومة في تدبيره جعلت منه أمرا انتخابيا، وكل يوم تقدم أرقاما إنشائية، يتم ضربها بأرقام حقيقية في الصميم، ولهذا الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط تضع مفهوم الدولة الاجتماعية، ليس من حيث الجوهر ولكن من حيث التدبير الحكومي، على المحك، بل تقول إن هذه الحكومة فشلت في كل ما هو اجتماعي، ولولا جرأتها على اتخاذ قرارات مجحفة ما وصلنا إلى هذا المهوى الخطير.
رقمان مهمان في التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط، الأول يرتبط بالثاني، ويتعلق الأول بكون 159 ألف مواطنا فقدوا شغلهم في الفصل الأول من السنة الجارية، وأغلبهم في الوسط القروي، حيث يكون فقدان الشغل غير مرتبط بأي تعويض من أي نوع، أي فقدان شغل دون أداء، وهو ما يؤدي إلى كارثة اجتماعية حقيقية.
أما الرقم الثاني فيتعلق بارتفاع معدل البطالة بنسبة مهمة للغاية، في وقت كان ينبغي أن نحرص على الاحتفاظ على الأقل بالمستويات السابقة، وهي مستويات متدنية، بمعنى أن الحكومة التي يزعم رئيسها عزيز أخنوش، وأمام البرلمان، أنه حقق ما لم يكن متوقعا وأن الدولة الاجتماعية أحدثت ثورة اجتماعية، كان ينبغي أن تستفيد من الوضع العام، المساعد على العمل الجاد لخلق فرص الشغل، لكنها اهتمت للغاية بما هو دعائي وانتخابي.
ركزت الحكومة على أمور غاية في الدعائية، تتعلق بما يسمى المباشر للأسر، وهو أمر جاد لو كان مبنيا على رؤية واضحة، تسعى للتخفيف عن العائلات المعسرة، ولكن الأمر يفيد أن هذه الحكومة أخرجت للوجود الدعم المباشر، وكانت الحكومات السابقة قد طرحته، ولم يتم إخراجه للوجود، بمعنى أن التوقيت انتخابي.
حكومة أخنوش تراكم النقط السلبية، فبعد أن تم تصنيف المغرب في الرتبة 120 عالميا في ميدان التنمية البشرية، ومن بين الدول الأولى في المديونية وتجاوز حجم الدين للمعايير الموضوعة دوليا، حيث “حرقت” الضوء الأحمر بسبع نقط، بمعنى أنها تمضي في الهاوية.
الحكومات دورها ليس توزيع ثروة البلاد وصرف رأسمالها العام في مسالك التدبير، وإلا ستنتهي للإفلاس، وغنما دورها خلق المشاريع التي بواسطتها يتم خلق الثروة، ودون خلق المشاريع يعني الموت لحظة بلحظة، ولولا المشاريع الكبرى، التي يشرف عليها جلالة الملك شخصيا، ولولا تلك المشاريع الاستثمارية الدولية، التي يتم توطينها في بلادنا بضمانة الاستقرار الذي يرعاه جلالة الملك، لكان وضعنا أصعب بكثير مع هذه الحكومة التي لا تفكر في وضع الخطط لتجاوز الأزمة.
عندما ترتفع أرقام البطالة، وعندما يفقد العمال شغلهم، وعندما يجد العامل الفاقد لشغله أنه ليس لديه صندوق يمكن أن يلجأ إليه كحل مؤقت، فالحديث عن الدولة الاجتماعية غير واقعي وأن هذا المطلب ما زال بعيد المنال.
الدولة الاجتماعية في محك “البطالة”
