Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الرقمنة وتحدي الترسانة القانونية

يرتبط التنزيل الفعلي للعمل بالرقمنة في جميع المجالات و القطاعات، بترسانة قانونية وتشريعية تواكب التحولات الرقمية وتصاحب عمليات رقمنة مساطر إدارية معينة، لضبط التعامل بها ووضع الأسس لاستخدامها و الإشتغال بها، حيث رصدنا مع ما يمثله مجال الرقمنة من جدة و ما يعرفه من تحديث يومي غياب عدد من القوانين المصاحبة للرقمنة.
و شكل تحديث القضاء والرفع من جودته خيارا استراتيجيا بالنسبة للمملكة المغربية، و العمل على تحديثه وتأهيله وجعله رافعة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ تعزز هذا الخيار بالمملكة في سياق الثورة التكنولوجية العالمية، التي فرضت على منظومة العدالة المغربية الانخراط فيها، عبر تسخير الثورة الرقمية لخدمة العدالة والقانون، مما دفع المغرب إلى التفكير في إحداث المحاكم الرقمية، والاستفادة من مميزاتها وخصائصها في أفق تحسين عملية التقاضي وتقوية النجاعة القضائية.
و حظي مسار التحديث بشكل عام وإصلاح منظومة العدالة بشكل خاص بمكانة بالغة الأهمية في الخطب والرسائل الملكية السامية، حيث شكلت التوجيهات الملكية، التي رسخت مفهوما جديدا لإصلاح العدالة يقوم على مبدأ “القضاء في خدمة المواطن”، أساس المرجعية التي استند إليها هذا الإصلاح، وفي صلبه خلق محاكم رقمية تواكب التحولات المجتمعية والتكنولوجية على المستويين الوطني والدولي.
ومن أبرز المحطات الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الأولى للمؤتمر الدولي للعدالة بمراكش بتاريخ 02 أبريل 2018 المناقشة للمفهوم الجديد للإصلاح ، حيث دعا الملك إلى ضرورة “تسهيل ولوج أبواب القانون والعدالة، عبر تحديث التشريعات لتواكب مستجدات العصر وتيسير البت داخل أجل معقول، وضمان الأمن القضائي اللازم لتحسين مناخ الأعمال فضلا عن دعم فعالية وشفافية الإدارة القضائية، باستثمار ما تتيحه تكنولوجيا المعلوميات”.
و جاءت توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، باعتباره دستور الإدارة القضائية، للتأكيد على ضرورة ارساء مقومات المحكمة الرقمية لتحقيق إصلاح شامل ومتكامل لمنظومة العدالة، حيث تم التنصيص على الهدف الرئيسي السادس المتعلق بتحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها، خاصة من خلال إرساء مقومات المحكمة الرقمية، وتحديث خدمات الإدارة القضائية وانفتاحها على المواطن.

وجاء في تقرير لمديرية الدراسات والتعاون والتحديث بوزارة العدل، أن الالتحاق بركب المحكمة الرقمية “أضحى ضرورة ملحة، وليس خيارا استراتيجيا الغاية منه تطوير العدالة فقط، بل نقطة فاصلة بين مفهوم المحاكمة الكلاسيكية والمحاكم الحديثة المواكبة للثورة الرقمية” التي يعرفها العالم، حيث يتوفر المغرب على ترسانة قانونية هامة، تدعم ركائز المحكمة الرقمية، وفي مقدمتها، على وجه الخصوص، الفصل 154 من دستور 2011، إضافة إلى مقتضيات القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، ومقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والقانون. 07.03 ﺑتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بالقانون الجنائي المتعلقة بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، علاوة على القانون 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات؛ القانون رقم 04.20 ا لمتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية؛ القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات؛ القانون 43-20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الالكترونية؛ القانون 55-19 المتعلق بتبسيط الاجراءات و المساطر الإدارية؛ القانون 54-19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية.

لاشك أن تعزيز الإطار التشريعي للانتقال الرقمي للقطاع العام جاء مع إخراج مشروع القانون رقم 41.19 المتعلق بالإدارة الرقمية لإزالة العوائق التي تحد من المعاملات الإلكترونية وتعزيز مستوى الرقمنة الكاملة للخدمات، والمرسوم المتعلق بالتوقيع الإلكتروني لتأمين الوثائق الإدارية وللرفع من منسوب الثقة والمصداقية في التطبيقات الرقمية، إلى جانب إصدار نصوص جديدة لتأطير عمليات مشاركة وتبادل المعطيات بين الإدارات، بما يمكن من إعفاء المرتفق من الإدلاء بوثائق هي متوفرة أصلاً لدى الإدارات العمومية كالإدارة العامة للأمن الوطني وصناديق التغطية الصحية والضمان الاجتماعي، والمديرية العامة للضرائب ووزارات العدل والتربية الوطنية وغيرها.

Exit mobile version