Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

العدالة والتنمية… من النضال بالمراسلة إلى التطبيع بالفيزيوكونفرانس

للدولة المغربية اختياراتها الاستراتيجية والسيادية وهي حرة فيها، وهي تطرق كل الأبواب التي تحقق مصلحة المغرب وتصون وحدته ومقدراته، وعندما تتخذ قرارا فهي تجسد قناعة تنخرط فيها بقوة وبسلاسة، وتقوم بتدبير كل ما يحيط بها، وعندما قرر المغرب تطبيع علاقاته مع إسرائيل أو بالأحرى إعادة هذه العلاقات، لم يخف ذلك بل كان محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، هو أول من يتوصل بالخبر وتعاملت السلطة الفلسطينية بتفهم كبير لهذا القرار، الذي أكد من خلاله جلالة الملك محمد السادس على ضرورة تحقيق السلام على أرض حل الدولتين، دون أن ننسى القيمة التي انعكست على قضية الصحراء المغربية التي عمّرت طويلا بفعل تعنت الجيران والأشقاء الجزائريين.
الذي وقّع الاتفاق هو سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، وهي جزء من مؤسسات الدولة وليست بعيدة عنها أو منفصلة عنها، والعثماني وصل لهذا المنصب بفعل فوز حزبه العدالة والتنمية بالانتخابات التشريعية حيث حصل على حوالي ربع المقاعد البرلمانية.
القاعدة في علم الاجتماع السياسي تقول إن الحزب الحاكم أو الأغلبي أو الذي يقود الأغلبية هو من يدافع عن خيارات الحكومة وينافح عنها، وإذا لم يعد قادرا على الدفاع عن الحكومة التي شكلها منفردا أو بالتحالف مع أحزاب أخرى فلم يعد أمامه سوى أن ينسحب منها، قصد تشكيل تحالف جديد.
ما يقع اليوم هو أن حزب العدالة والتنمية يريد “الزبدة وثمنها”. يريد الحكومة بما تدره عليه من أموال طائلة ويريد الأغلبية بعائداتها الكبيرة ويريد وزارات يعين فيها من شاء وكيفما شاء، لكن لا يريد خيارات الحكومة. أوضحنا أن خيار التوقيع على إعادة العلاقات مع إسرائيل هو خيار الدولة والحكومة جزء من مؤسسات الدولة بمعنى أنه خيار الحكومة أيضا.
العثماني يوقع مع مايير بن شبات اتفاقية إعادة العلاقات، ويصفق في اللقاء عبد القادر عمارة، وزير النقل والتجهيز، ويشارك عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والقيادي في الحزب الإسلامي، في مؤتمر مشترك مع وزراء طاقة عرب ووزير الطاقة الإسرائيلي، ويخرج علينا الحزب الذي اجتمعت أمانته العامة برئاسة العثماني ليتحدث لنا عن خيارات الحزب المناقضة لخيارات الحكومة التي يقودها، فمن سيدافع عن الحكومة؟
الحكومة إذا لم تعد لديها أغلبية تدافع عنها تعتبر ساقطة أوتوماتيكيا. اليوم حزب العدالة والتنمية أمام خيارين، إما الاستمرار في الدفاع عن خيارات الحكومة وعلى رأسها خيار إعادة العلاقات مع إسرائيل، أو الانسحاب من الحكومة وبالتالي تسقط الحكومة ونذهب إلى ما يفرضه الدستور في هذه الحالات.
غير أننا نفهم ما وقع لحزب العدالة والتنمية. هذا الحزب افتقد للشجاعة في محطات حاسمة من تاريخ المغرب، ولأن القضية الفلسطينية لم يكن الدفاع عنها يحتاج إلى ضريبة وثمن، فقد ركبها، ولكن عندما أصبح الأمر مختلفا أراد أن يعود للنضال بالمراسلة، غير أنه لن يستطيع تغطية التطبيع بالفيزيوكونفرانس.

Exit mobile version