Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

العشاء “الأخير” للوزير بنسعيد

العشاء “الأخير” عنوان للتضحية، لكنه عند مهدي بنسعدي، وزير الشباب والثقافة والتواصل، هو الصيحة الأخيرة في تبذير المال العام، فالوزير قال لكل من سبقه “لا تعرفون شيئا، أو ما تعرفوش”، حيث أقام عشاء فاخرا، يمكن اعتباره الأكثر تبذيرا في تاريخ الوزارات، على شرف الناشرين والعارضين، المشاركين في المعرض الدولي للكتاب، الذي تم تهريبه من الدارالبيضاء إلى الرباط في ظروف غامضة، عنوانها الأبرز إثقال كاهل الميزانية بمزيد من المصاريف.
استغرب الذين حضروا عشاء الوزير من حجم الإسراف في ضيافة العارضين، فالكرم والجود لا يلتقيان مع “الإسراف”، لأن المسرفين كانوا إخوان الشياطين، ولا يوجد شيطانا أكبر من شيطان نهب المال العام بطرق “شبه” قانونية. عشاء ببسطيلة الحوت وسمكة تزن عشر كيلوغرامات وأفخاد الخرفان “سنان الحليب” ناهيك عن “السمّان” وستة أنواع من “الديسير” بالإضافة إلى البناية الفخمة.
وقال بعض الحاضرين والمراقبين إن ما قام به الوزير يفوق مجرد الرغبة في تبذير المال العام والتواطؤ مع المقاولات المكلفة، ولكن هو محاولة للجواب عن سؤال دفين لدى الوزير هو “التشبه” الغريب، الذي لا يليق بوزير في حكومة هي مجرد أداة من أدوات الدولة لتدبير الشأن العام.
ما كل هذا الترف؟ تجهيز مكان فاخر بأربعين مائدة ويزيد وكل مائدة تكلف آلاف الدراهم بمعنى أن العشاء كلف ملايين الدراهم، المتسقطعة من جيوب دافعي الضرائب، وللأسف الشديد أن وسائل المراقبة ضعيفة في هذا الشأن، إذ أن أقصى ما يطالب به المجلس الأعلى للحسابات، هو تأكيد الفواتير الدالة على المضاريف، لكن هل من حقه أن يتدخل في نوع العمل، وفي حالات نادرة يقوم بتنبيه المسؤولين بأن هذه المصاريف لا لزوم لها، لكن لا يتخذ أي إجراء بخصوص ذلك.
الوزير الذي يقيم وليمة بكل هذا البذخ، يعتبر البلاد “سايبة” وليس لها من حسيب ولا رقيب في اعتقاده، ولكن نسي الوزير أن للبلاد من يحميها، ولهذا اعتبرنا عشاءه الأخير، لأنه لا يمكن السماح بذلك بتاتا.
قانونيا وأخلاقيا لا يمكن أن يفوت الكرم حدوده المعقولة في الأوقات الطبيعية، لكن في زمن الأزمة فإن أموال الحفلات والبذخ ينبغي أن تذهب إلى أمور أخرى، أليس قطاع الثقافة من القطاعات المتضررة بالأزمة؟ ألا يعرف الوزير أن كثيرا من المشتغلين بالقطاع فقدوا شغلهم نتيجة أزمة كورونا؟ أليس في علمه أن مئات بل عشرات المئات ممن يعيشون من القطاع “ماتوا” جوعا طوال هذه السنوات؟ ألم يكن حريا به تحويل الأموال التي بذرها في الهواء إلى مستحقيها من المرتبطين بالقطاع؟
الوزير أضاف إلى الترحيل القسري أو التهريب للمعرض أغلاطا أخرى، فالتهريب تطلب أموالا طائلة إضافة إلى المليارين وزيادة التي لهفتها إحدى الشركات تذكر مصادر من الوزارة أن المعرض سيكلف بالإضافة إلى ذلك ما بين ثلاث وأربع ملايير أخرى تضاف إلى إعفاء الناشرين الأجانب من رسوم العرض وهي كلها أموال طائلة ستضيع على خزينة الدولة، التي لا تهم الوزير.

Exit mobile version