Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الكونغرس الأمريكي يتحرك لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية.. خطوة مفصلية في دعم السيادة المغربية

في خطوة وصفت بـ”الاختراق السياسي”، أعلن عضو مجلس النواب الأمريكي، الجمهوري جو ويلسون، يوم الخميس، عن تقديمه رسمياً، إلى جانب النائب الديمقراطي جيمي بانيتا، مقترح قانون إلى الكونغرس الأمريكي يقضي بتصنيف “جبهة البوليساريو” كمنظمة إرهابية أجنبية. هذه الخطوة تمثل تصعيداً تشريعياً غير مسبوق ضد الجبهة الانفصالية، وتترجم تحولات نوعية في نظرة دوائر القرار الأمريكي إلى الملف.

وقال ويلسون، في منشور على منصة “إكس”، إن البوليساريو “ميليشيا ماركسية مدعومة من إيران وحزب الله وروسيا”، مضيفاً أنها تهدد استقرار المغرب، الحليف الأمريكي الاستراتيجي منذ قرابة قرنين ونصف. وأكد أن المشروع يحظى بدعم من الحزبين، بما يعكس إجماعاً سياسياً متزايداً داخل الكونغرس بشأن خطورة الجبهة وأجندتها العابرة للحدود.

تقارير استخباراتية وشهادات ميدانية

استند مقترح ويلسون إلى سلسلة من التقارير والصور والوثائق، التي تُظهر علاقة البوليساريو بإيران وحزب الله وتنظيمات متطرفة. من أبرز ما ورد في الملف، وثائق نشرتها مجلة “جون أفريك” تُفيد بتدريب حزب الله لعناصر من الجبهة في تندوف، أحدهم متورط في مقتل جنود أمريكيين في العراق سنة 2007. كما استعرض صوراً تعود لسنة 1980 لعناصر البوليساريو تحت صورة الخميني، ما يُدلل – وفق المقترح – على بداية العلاقة بين الطرفين.

تقرير “واشنطن بوست” الأخير، الذي أشار إلى امتلاك البوليساريو طائرات مسيّرة إيرانية، استُخدم أيضاً في دعم المقترح، إلى جانب معطيات حول لقاءات جمعت الجبهة بقيادات من حزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف بدوره كتنظيم إرهابي من طرف الولايات المتحدة.

مناورات الجزائر تحت المجهر

المقترح الأمريكي لم يقتصر على الجبهة الانفصالية، بل وجّه اتهامات مباشرة إلى الجزائر بدعم الإرهاب الإقليمي، من خلال توفير ملاذ آمن للجبهة في مخيمات تندوف، وتغذية اقتصاد غير مشروع يشمل التهريب وتمويل الجماعات الجهادية بالساحل.

وأبرز النائب الأمريكي أن النشاط العسكري للبوليساريو أصبح يتسم بطابع هجومي منذ سنة 2020، تاريخ إعلان الجبهة “منطقة حرب” وبدء عمليات استهداف الجدار الأمني المغربي، ما مثّل تحوّلاً مقلقاً في السلوك الانفصالي نحو العمل المسلح غير المنضبط، بتواطؤ مباشر من الجزائر.

صدى سياسي واستراتيجي واسع

وفق مراقبين، فإن مشروع القانون الجديد يُعد تتويجاً لحملة ضغط متواصلة يقودها ويلسون منذ شهور، شملت لقاءات مع مسؤولين مغاربة، أبرزهم وزير الخارجية ناصر بوريطة، ونشر سلسلة من المواقف الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، بالتوازي مع تقارير مؤثرة صدرت عن مراكز تفكير أمريكية مثل مؤسسة “هيريتاج”، تدعو إلى إنهاء “صمت واشنطن تجاه البوليساريو”.

ويهدف المشروع إلى تجميد أصول الجبهة على الأراضي الأمريكية، ومنع أنشطتها الترويجية، ومحاسبة داعميها، بمن فيهم الجزائر. كما يتضمن إلزام الإدارة الأمريكية بتقديم تقارير دورية حول أنشطة الجبهة في مناطق النزاع، خاصة في الساحل والصحراء.

اختبار لإرادة واشنطن و”ناتو” الجنوب

المقترح سيُحال إلى لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، وقد يُعرض على التصويت في غضون 90 يوماً. وإذا ما تم اعتماده، فسيُشكل تحولاً تشريعياً غير مسبوق في موقف الكونغرس من قضية الصحراء، ويمثل رسالة قوية للخصوم الإقليميين للمغرب، خاصة الجزائر وإيران.

كما يعكس المشروع – في أبعاده الاستراتيجية – تحوّلاً محتملاً في ترتيب الحلفاء على ضفة الأطلسي، حيث يُلمح إلى احتمال تعزيز مكانة المغرب كركيزة أمنية للولايات المتحدة في شمال إفريقيا، على حساب إسبانيا التي تواجه تحديات داخلية وخارجية في علاقاتها مع واشنطن.

مشروع القانون الأمريكي لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية لم يعد مجرد فرضية، بل أصبح ورقة تشريعية في طور النقاش، بدعم من الحزبين، وتحت غطاء تقارير أمنية وميدانية دقيقة. وإذا ما تم تمريره، فإن المشهد الإقليمي حول نزاع الصحراء سيشهد انقلاباً جذرياً في التوازنات، وقد يفتح الباب أمام تحركات مماثلة داخل دوائر القرار في أوروبا، لا سيما بعد تصاعد المخاوف من التغلغل الإيراني والروسي في غرب المتوسط.

Exit mobile version