Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الكَـركَـرات.. المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها..

محمد عفري
قبل ست سنوات من الآن، كان الموقف المغربي واضحا صارما في سياق الرد على الاستفزازات التي رفع الكيان الوهمي (بوليساريو) من وتيرة القيام بها من حين لآخر، لجس نبض المغرب ومؤسساته، مدفوعا براعِيه المباشر وعُرابِه الجزائر، من غير أن يزحزح قيد أنملة من كبرياء المغاربة ولا من إيمانهم القوي بمغربية الصحراء ووحدة أقاليمه الجنوبية، أي قضيتهم الأولى.
في السادس من نونبر من 2014، قال الملك محمد السادس بصفته رئيس الدولة وحامي حمى الوطن والمواطنين والقائد الأعلى للأركان العامة للجيش في خطاب سامٍ بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لانطلاق المسيرة الخضراء إن المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مؤكدا على أن مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب في إطار التفاوض لحل هذا النزاع الإقليمي، مجددا تأكيده على وجوب تحميل الجزائر المسؤولية بوصفها “الطرف الرئيسي” في النزاع.
التدخل الأخير للمغرب بمعبر الكَركَرات الحدودي للمملكة مع الجارة الجنوبية موريتانيا، لإنهاء مسلسل هذه الاستفزازات بأمر من الملك محمد السادس بطريقة سلمية وسلسة وفي احترام تام للقوانين والمواثيق الدولية، كما احترامٌ تام لحقوق الإنسان، تأكيدٌ صارخ على الصرامة المغربية في الذّود عن مقدساتها كما هو تأكيد للموقف الملكي السامي السديد المدعوم بإرادة الشعب وكل المؤسسات على أن المغرب، فعلا، في صحرائه والصحراء في مغربها، أراد من أراد وأبى من أبى، ولا يأبى عن الحق وقوله إلا جاحد.
المغاربة والأفارقة والعرب كلهم والمجتمع الدولي يعرفون حجم الاستفزازات التي قامت بها الجبهة المزعومة بأمر من هذا الطرف الرئيسي على امتداد أكثر من أربعة عقود من دون أن تفلح لا في تحقيق المبتغى الأول، أي المصير المزعوم، ولا جرّ المغرب إلى المحظور، ألا وهو انتهاك الاتفاق الأممي المُلزم بوقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
بالقدر الذي نَغَّصت على جارنا ذي الجنب “المدينةُ الفاضلة” التي عاشها ويعيشها المغرب والمغاربة بمقومات الاستقرار والأمن والسلم الاجتماعي، بالقدر الذي نغّصت عليه أيضا مسيرةُ البناء والنماء والرخاء التي توفرت للمغاربة في العقدين الأخيرين وتعدتها إلى مسيرة النجاح في الانفتاح الاقتصادي على العالم، وعلى القارة الإفريقية بالخصوص، في إطار جنوب – جنوب وبمفهوم رابح – رابح، وفي التفوق السياسي والدبلوماسي أيضا. لم يكن الردّ من الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل غير كَنِّ الضغائن والدفع بالذراع “المسمومة” إلى وضع العِصِي في عجلة هذه المسيرات دون فلاح، والعالم برمته شاهد على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها هذا الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل، طوال عقود لتشتد في السنتين الأخيرتين، وقد يكون مآلها بعواقب غير محمودة على النظام، آخرها ثورة “خُبز” جديدة دامية لشعب بأكثر من ملايين الشهداء في سبيل استقرار اجتماعي مفتقد..
الكَركَرات، المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا الذي هو بداية طريق الحرير العالمية إلى باقي دول إفريقيا، كما خطط له الملك محمد السادس مع العديد من قادة البلدان القوية في المشهد الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي العالمي، كان هو ما تبقى لطُغمة البوليساريو وراعيُها كورقة للتأثير بها على طريق الحريرهذه، بالوقوف حجر عثرة مؤقتة وموقوتة، في وجه قوافل التنقل التجاري للأشخاص والبضائع، دون أن يفلحا أمام حنكة المغرب والمغاربة بقيادة المؤسسة الملكية مدعومة بباقي المؤسسات في فك استفزاز صبياني عابر، إذ لم تنل هذه الورقة، الخاسرة من أصلها، من قيمة المغرب الدولية والأممية ولا من سيادته على مشمول ترابه الوطني شيئا، بل زادته من التشبث بقضيته الأولى، أي أقاليمه الصحراوية قوة، كما زادته إجماعا دوليا على صدقية مغربية صحرائه..

Exit mobile version