Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المبصاريون يحتجون أمام وزارة السكوري منددين بعجز حكومي لتنزيل قانون 45.13

خاضت النقابة المهنية الوطنية للمبصاريين بالمغرب إضرابًا وطنيًا شاملاً شلّ قطاع البصريات بكافة ربوع المملكة، تزامنًا مع تنظيم وقفة احتجاجية مركزية أمام مقر وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات، المعروفة إعلاميًا بوزارة يونس السكوري. وقد جاءت هذه الخطوة كرد فعل على ما وصفته النقابة بـ”الفوضى العارمة التي تغمر القطاع، والعجز الحكومي المستمر عن تفعيل القوانين المنظمة، وفي مقدمتها القانون 45.13″.

وشهدت الوقفة الاحتجاجية التي انطلقت في تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا حضورًا وازنًا من المبصاريين والمهنيين الذين رفعوا شعارات قوية تطالب بإعمال القانون، وإيقاف ما أسموه “النزيف القانوني والمؤسساتي” الذي يهدد مستقبل المهنة، بل ويعرض صحة المواطنين للخطر.

في تصريح صادم أدلت به مينة أحكيم، رئيسة النقابة الوطنية للمبصاريين، خلال الوقفة، أكدت أن القطاع يشهد حالة “فلتان” غير مسبوق، خاصة في مجال التكوين المهني. وكشفت عن تورط مؤسسات خاصة في بيع الشهادات والدبلومات للطلبة دون أي احترام للمعايير الأكاديمية أو التأهيلية، معتبرة ذلك “جريمة مكتملة الأركان” تهدد مهنة مرتبطة بشكل مباشر بصحة وسلامة البصر لدى المواطنين.

وقالت أحكيم “لقد تقدمنا بشكايات رسمية ضد بعض المؤسسات المتورطة، وتم بالفعل ضبط مدير إحدى المدارس متلبسًا ببيع شهادة، وأصدرت المحكمة حكمها في القضية. غير أن الوزارة، مع الأسف، لم تتخذ أي تدبير فعلي أو إجراء وقائي لوقف هذا العبث.”

ومن جهته، قال أنوار الهبطي الإدريسي، أمين مال النقابة الوطنية لمبصري المغرب، في تصريح خلال الوقفة الاحتجاجية “نحن اليوم ننظم هذه الوقفة أمام وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، تعبيرًا عن غضبنا ورفضنا للوضع الكارثي الذي آلت إليه مهنتنا، بسبب انتشار بيع الشهادات والدبلومات في بعض المؤسسات المشبوهة، مع الأسف الشديد و هذا الواقع الخطير تسبب في إفلاس عدد من المهنيين الشرفاء، نتيجة التخرج العشوائي لأعداد كبيرة من المبصريين دون احترام لمبدأ التوازن بين العرض والطلب في سوق الشغل مضيفا ومن هذا المنبر، نطالب بضرورة إيقاف تدريس علم البصريات في معاهد التكوين المهني بشكل مؤقت، إلى حين تجويد القانون وتطوير آليات المراقبة وضمان جودة التكوين مؤكدا كما نطالب كذلك بالإسراع في إحداث وتفعيل الهيئة المهنية المنظمة للقطاع، والتي صدر قانونها في الجريدة الرسمية منذ سنة 2019، لكنها للأسف لا تزال مجمدة دون تفعيل، رغم أهميتها البالغة في ضمان الشفافية وتنظيم المهنة.”

وشددت النقابة على ضرورة إعادة تكوين المبصاريين إلى التعليم العالي عوض المهني، لضمان جودة التكوين، إلى جانب إقرار امتحان موحد يشكل بوابة المهنة، على غرار باقي المهن الصحية المنظمة.

كما طالبت النقابة بإصدار الخريطة التكوينية الوطنية التي يفترض أن تصدر بشكل سنوي وتراعي مبدأ العدالة المجالية، وهو مطلب ظل حبيس الأدراج، حسب قولها، رغم تأثيره المباشر على تنظيم الولوج للتكوين في المجال.

وحمّلت النقابة الوزارات الوصية، خاصة وزارة الصحة، والتعليم المهني، ووزارة السكوري، المسؤولية المباشرة عن الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها القطاع، معتبرة أن “الصمت الحكومي يُكرّس الفوضى ويُغذي الفساد”.

و رغم صدور القانون 45.13 المنظم لمزاولة مهن الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي منذ سنة 2019، لا يزال دون نصوص تطبيقية، ما أبقاه في حكم “الميت قانونًا”، كما وصفته النقابة. ويُعتبر هذا القانون حجر الزاوية في تنظيم مهنة المبصاري، إذ من شأنه تحديد شروط الممارسة وضمان تأطير مهني وأخلاقي صارم، لكن غياب الإرادة السياسية حال دون تفعيله.

وتؤكد النقابة أن إخراج الهيئة الوطنية للبصريات بات أمرًا ملحًا، إذ ستلعب هذه الهيئة دورًا محوريًا في ضبط العلاقات المهنية وتكريس الشفافية، سواء بين المهنيين أنفسهم أو بين المهنيين وباقي المتدخلين في القطاع، وفي مقدمتهم وزارة الصحة ومؤسسات التكوين.

وفي ظل غياب أي تجاوب فعلي من الجهات المعنية، أعلنت النقابة استمرارها في تنفيذ برنامجها النضالي، والذي يشمل الإضراب الوطني الشامل ليوم الإثنين 23 يونيو 2025 و الوقفة الاحتجاجية المركزية أمام وزارة الإدماج الاقتصادي و إطلاق حملات وطنية تحسيسية عبر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، للتحذير من تداعيات الشهادات غير القانونية على الصحة العامة.

وجاءت مطالب النقابة المهنية الوطنية للمبصاريين في خمس نقاط أساسية الإيقاف الفوري لتكوين شعبة البصريات في مؤسسات التكوين المهني، ومنع تسجيل الطلبة الجدد بدءًا من السنة القادمة و فتح تحقيق عاجل وشامل في ملفات بيع الشهادات والدبلومات بمؤسسات التكوين الخاصة و تشديد شروط ولوج المهنة عبر معايير أكاديمية تحترم المعايير الدولية و إصدار المراسيم التطبيقية للقانون 45.13 في أقرب الآجال و وقف الترخيص لأي مؤسسات تكوين جديدة، ورفض تجديد الاعتماد لشعبة البصريات بالمؤسسات الحالية نظرًا لحالة التشبع المهني.

و أكدت النقابة، أن ما يقع اليوم ليس مجرد أزمة مهنية، بل تهديد حقيقي لصحة وسلامة المواطنين، باعتبار أن قطاع البصريات يتعامل مع واحدة من أكثر الحواس حساسية، وهي البصر. وشددت على أن استمرار الفوضى في التكوين والممارسة المهنية قد يؤدي إلى كارثة صحية حقيقية إذا لم يتم التدخل الفوري.

وبين عجز الحكومة عن تنزيل القوانين، وصمت الوزارات المعنية، واحتقان مهني متزايد، يبدو أن قطاع البصريات في المغرب يعيش على صفيح ساخن… فهل تتحرك الحكومة قبل أن يفقد المواطن المغربي آخر ما تبقى من الثقة في منظومة التكوين والرقابة؟

Exit mobile version