Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المجتمع المغربي والقيم

دراسة أنجزها مجلس النواب المغربي تؤكد تشبث المغاربة بالقيم المحلية مع انفتاحهم على القيم الكونية، وفي الوقت ذاته تؤكد الدراسة أن القيم غائبة عن “الارتفاق”. وفي هذا تعارض كبير لأن القيم الفردية يلزم أن تتحول إلى قيم جماعية متجسدة لدى الموظف والعامل، الذي تنعكس القيم على سلوكه اليومي.
القيم المحلية هي التي ينبغي أن يتشبث بها الجميع لأنها سفينة النجاة للمجتمع والأفراد، والحمد لله، فإن هذا المجتمع الذي تنغرس فيه القيم الدينية وتمتد جذورها للأعماق التاريخية، يقف سدا منيعا أمام الهجوم الكاسح والشرس للقيم الغربية، التي يريدون لها أن تكون كونية رغما عن أنف الجميع وهي مجرد قيم المتغلب المحتل سابقا، وهذا الوقوف يمثل سدا منيعا يحمي الفرد والأسرة وكل التنظيمات التي ينخرط فيها المواطن قبل أن يكون كائنا سياسيا.
يراد للمجتمعات اليوم أن تكون مفككة ولا تربط بين أفرادها لحمة اجتماعية بشكل نهائي، وهذه اللحمة ظهرت جدواها عندنا خلال أزمة كورونا والحرب في أوكرانيا، ولولاها لكان كثير منا قد ضاع بشكل كبير، ولأن الغرب لم يعد لديه ما يمسك مجتمعاته فإنه يريد لنا نفس المصير.
من الجيد أن يهتم البرلمان بمثل هذه القضية ويخرج من قوقعة الكلام الروتيني إلى الكلام السوسيولوجي العلمي، وهي مساهمة جادة بغض النظر عن خلفياتها، والبرلمان يمثل الشعب وبالتالي ينبغي أن يكون انعكاسا لما يمور داخله.
الدراسة أكدت تشبث المغاربة بالقيم المحلية والأصيلة، من قبيل حماية الآباء لأبنائهم ورعاية الأبناء لآبائهم، لكن يبقى هذا على مستوى الإيمان بالقيم، لكن على مستوى السلوك ينبغي أن نلاحظ أن هناك بعض التراجعات، الناتجة أساسا عن الواقع الاجتماعي، الذي أصبح عاملا حاسما في الميولات والنزوعات الفردية، التي هي خلاصة الضغط الذي يتعرض له المواطن حتى ينحاز لمصالحه الشخصية ومصالح عائلته الصغيرة فقط.
بالانتقال بالقيم من السلوك الفردي إلى المجتمع حيث تتجسد كبرى معانيه في الإدارة العمومية، هنا نقف أمام كارثة حقيقية، تتعلق بغياب القيم الأخلاقية عن سلوك أغلب الموظفين، إذ الإدارة اليوم أصبحت مكانا لتعذيب المواطن والانتقام منه وعدم قضاء أغراضه، والاستثناءات لا يقاس عليها ولا حكم لها.
التفاعل السلبي في الإدارة العمومية بين الموظف (المواطن) والمرتفق (المواطن) هو إعلان عن نهاية عصر القيم التي ينبغي أن يتحلى بها الطرفان، سواء من حيث الخضوع لترتيب الحضور أو من حيث قضاء أغراض الناس بأريحية واعتبار ذلك واجبا.
غياب القيم من المؤسسات والإدارات جعلها مرتعا لكل أشكال الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وجعل من كل ذلك مدخلا لرعاية سلوكات الإرشاء والارتشاء وتعطيل مصالح المواطنين بغير وجه حق.
الحفاظ على القيم المحلية أساس التقدم واحتضان القيم الكونية دون خوف من فقدان الهوية

Exit mobile version