Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المجلس الاقتصادي و الإجتماعي ينتصر لمطالب حماة المال بالمغرب

فجر تفاقم قضايا الفساد ونهب المال العام، ارتفاع الأصوات في المغرب مطالبة بإصلاح جذري وشامل يضمن حماية المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة. بين عمل الجمعيات المناهضة للفساد، والتوصيات الصادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وتصريحات الناشط البارز محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، تبرز الحاجة الملحة لمراجعة المنظومة القانونية وعلى رأسها المسطرة الجنائية، لتلعب دوراً أكثر فعالية في مواجهة الإفلات من العقاب.
و تطور مفهوم “حماية المال العام” من كونه مجرد شعار إلى حركة مدنية ومؤسساتية يقودها ناشطون حقوقيون، قضاة، محامون، وصحفيون، إلى جانب عدد من الجمعيات، أبرزها الجمعية المغربية لحماية المال العام. هذه الأخيرة أصبحت صوتاً قوياً يندد بالفساد، ويطالب بفتح تحقيقات قضائية في قضايا اختلاس وتبديد الأموال العمومية.
وقد لعبت الجمعية دوراً حيوياً في الدفع بملفات ثقيلة أمام القضاء، كما مارست ضغطاً متواصلاً على الحكومة والمؤسسات القضائية للتعجيل بالحسم في القضايا العالقة، وعدم التساهل مع المتورطين.
في تقارير متعددة، نبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى خطورة استمرار الفساد وتبديد المال العام على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. في تقريره حول “الحكامة العمومية”، دعا المجلس إلى ضرورة تعزيز الشفافية والرقابة في تدبير المال العام و تمكين هيئات المراقبة كالمجلس الأعلى للحسابات من صلاحيات تقريرية أقوى و تحديث المساطر القانونية لتكون أكثر فعالية في مواجهة الجرائم المالية.
كما شدد المجلس على أهمية انخراط المواطنين في الرقابة المجتمعية، من خلال نشر ثقافة التبليغ عن الفساد وتشجيع الصحافة الاستقصائية.
و شدد محمد الغلوسي، المحامي والفاعل الجمعوي المعروف،انه لم يتوقف عن انتقاد “التساهل القضائي” في التعامل مع ملفات الفساد. في أحدث تصريح له، قال يجب تغيير المسطرة الجنائية الحالية لأنها تُستعمل في بعض الأحيان كوسيلة لحماية المفسدين وليس لمساءلتهم، وهناك ملفات كبرى ظلت تراوح مكانها لسنوات دون حسم”.
وأكد الغلوسي أن بعض المتابعات القضائية تتعرض لـ”التمييع” أو الإبطاء المتعمد، خاصة حينما يتعلق الأمر بشخصيات ذات نفوذ سياسي أو اقتصادي، مما يؤدي إلى تقويض ثقة المواطن في العدالة.
وطالب الغلوسي بتعديل قانون المسطرة الجنائية بما يضمن تسريع التحقيقات والمتابعات في قضايا الفساد و حماية المبلغين والشهود منع استعمال المساطر الشكلية كوسيلة للهروب من العقاب و المسطرة الجنائية، باعتبارها القانون الإجرائي الذي يضبط كيفية متابعة الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، وُجهت لها انتقادات عديدة، خاصة من المجتمع المدني. من أبرز الإشكالات المرتبطة بها طول المساطر وكثرة التعقيدات الإجرائية و وجود ثغرات تسمح بتأجيل الجلسات لسنوات ضعف الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد و إمكانية استعمال بعض فصولها لـ”إفلات” المتورطين من العقاب أو كسب الوقت و وقد اقترحت فعاليات عدة – بما في ذلك المجلس الأعلى للسلطة القضائية – إجراء مراجعة شاملة لهذا القانون، لتقوية آليات مكافحة الجريمة المالية وتعزيز دور القضاء الزجري.
في ضوء الوضع الحالي، يبدو أن المعركة ضد الفساد في المغرب لا تزال طويلة ومعقدة. لكن ما تغير في السنوات الأخيرة هو يقظة الرأي العام، وظهور جيل جديد من الجمعيات والمواطنين الذين يرفضون الصمت أو الرضوخ لقد أضحى “حماية المال العام” قضية رأي عام، تتقاطع فيها الإرادة الشعبية مع المطالب القانونية والمؤسساتية. وكلما بقيت المساطر غامضة والإرادة السياسية مترددة، كلما ازدادت الفجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة، و يبقى الأمل معقوداً على تكاثف الجهود: تشريعية، قضائية، ومجتمعية، من أجل بناء دولة قانون تحترم المال العام وتعاقب من يعبث به. صوت الغلوسي، وتوصيات المجلس الاقتصادي، ووعي المواطن المغربي، كلها إشارات على أن المغرب يسير، ولو ببطء، نحو ترسيخ ثقافة النزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

Exit mobile version