Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المعارضة بين التغول السياسي والبحث عن الحل السياسي

Habib El Malki, newly-elected speaker of the Moroccan parliament, waves from his seat in the main chamber, in the capital Rabat on January 16, 2017. Morocco's parliament elected the leftist economist as the new speaker on January 16, 2017, three months after elections that left the North African country without a government. / AFP PHOTO / STR

د. رشيد لزرق

شكَّلت المعارضة مدرسة لتأهيل النخب الاجتماعية والسياسية وتدريبِها على تَمثًّل مفهوم المصالح الوطنية، والتعاطي مع تعدد الاتجاهات الاجتماعية، والتمرّس على إدارة الشأن العام، وهذا ما دفع المشرع الدستوري السنة 2011 لإعطائها حقوق بغاية اسهامها بأدوار هامة على صعيد العمل البرلماني في مجال العمل التشريعي والمراقبة لأعمال الحكومة والتمثيل على مستوى أجهزة البرلمان، وفي مجال الحياة السياسية والدبلوماسية البرلمانية، وأهمها في مجال التشريع والرقابة والتمثيل المؤسساتي، تضمنها الفصل 10 من الدستور غير اننا في منتصف الولاية البرلمانية والمعارضة تشهد عطلا وبقيت حقوقا مفتقدة للقيمة مجرد حبر على ورق بفعل عدم التنسيق فيما بينها للوصول للنصاب الدستوري الذي يمكنها من مباشرة حقوق المعارضة بفعل كون البعض بات يعتبر التموقع في المعارضة عقابا سياسيا ، مما ساهم في تفكك المعارضة وحال دون قيامها بأدوارها والمساهمة في تعزيز الخيار الديمقراطي الذي بات معطلاً بفعل طموح قيادات سياسية مهوسة بالمناصب.
لم تكن المعارضة “اليسارية” معنية بطرح البديل الاشتراكي كحاجة ملحة، و أظهرت نزوعا مقيتا وجعلت كل همها المشاركة في الحكومة ليس لخدمة مشروع بل وسيلة للاستفادة من الريع الحكومي.
لقد عطل المعارضة الرغبة الجامحة لأحد المكونات في الدخول للحكومة وتحول من مواجهة ما سماه التغول السياسي إلى ممارسة التسول السياسي. فتجمدت الادوات الدستورية ودعائمها، وفسح المجال للقوى العدمية والظلامية لممارسة معارضة خارج المؤسسات وفقدان التوازن المؤسساتي، لتعطيل متعمد لأدوار المعارضة المؤسساتية، بفعل نوازع ذاتية، وقفت مانعاً دون أن تكون المعارضة المؤسساتية عامل استقرار وحيوية للمؤسسات، في مُواجهة الصدمات داخلياً وخارجياً، وعطباً يشكل خطراً على سلامة الممارسة الديمقراطية.
تنسيق نبيل بنعبد الله وإدريس لشكر فرضه طرح مدونة الأسرة والقانون الجنائي، بدون بعد استراتجي ولا يخرج عن التكتيك السياسي. وهذا التنسيق ظهر الآن بعد أن اوصدت كل الابواب لدخول الحكومة لادريس لشكر من جهة ولكون نبيل بنعبد لا يستطيع طرح تنسيق مع العدالة والتنمية المحافظ فيما يهم مدونة الأسرة والقانون الجنائي، وهو بذلك أبعد ما يكون ان يكون نتيجة وعي وإدراك ذو بعد استراتيجي. لهذا فانه لا يرمي بالمطلق جمع القوى اليسارية وتشكيل قطب يساري لطرح البديل الاشتراكي. انه تنسيق اضطراري من قبل قيادتين سياسيتين ليس لها هم التغيير كحمولة سياسية يسارية، والحال اننا اذا أردنا أن نكون اشتراكيين يجب أن تكون لنا شخصيات اشتراكية، الشيء المفتقد في التنسيق الحالي. صحيح ان اليوم هناك حاجة ملحة لقطب يساري يعطي مدلولا لتداول ديمقراطي حول السلطة، ومواجهة الحكومة ليس بالشعارات والفدلكات اللغوية بل يطرح البديل الاشتراكي للدولة الاجتماعية وخلق توازن بين الأغلبية الليبرالية يمر لزوما بتأسيس القطب اليساري .ان كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تسير في صالح اليسار دو الحمولة الاجتماعية والقادر على كشف تناقضات الليبرالية المتوحشة، واستثمارها في أفق الاستحقاقات القادمة و قيادة حكومة 2026 غير ان اليسار فوت الفرصة واضاع نصف العهدة الانتخابية بفعل نوازع ذاتية، والحقيقة الثابتة هو ان اليسار صاحبه الوهن بعد التضرر والتصدع الذي أصابه، ولا يمكن أن يعود إلا من خلال جيل جديد من اليساريين يحمل أفكاراً وبوصلة واستراتيجيات جديدة، الوجوه التي تتصدر الأحزاب اليسارية هي وجوه مستهلكة لا يمكن أن تقوده لأية نجاحات. ويبقى مستقبل اليسار كبديل لازال حلم بعيد المنال، ولا يمكن أن يعود إلا من خلال جيل جديد من اليساريين يحمل أفكاراً وبوصلة واستراتيجيات جديدة، فهو الآن حاجة مجتمعية غير انه مرهون ببروز قيادات شابة متحررة من عقدة الماضي، وهوس الحاضر، متشبعة بالأمل والواقعية، ومرتبطة بقضايا الجماهير، قد تعيد لليسار الإشعاع، عبر إسقاط القيادات الشعبوية، وتطهير الفضاء الداخلي من الانتهازية.

Exit mobile version