Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المعارضة تندد بسياسات الريع وتدهور القدرة الشرائية

رصد متتبعين سياسيين ارتفاع نسب الاحتقان الاجتماعي المتزايد، امام تصاعد حدة الانتقادات الموجهة لحكومة عزيز أخنوش من قبل فرق المعارضة داخل قبة البرلمان وخارجها. فقد اعتبرت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية أن ما تسميه الحكومة بـ”الحوار الاجتماعي” لا يعدو أن يكون مجرد شعارات وبلاغات فارغة، تفتقد للالتزام السياسي والمصداقية المطلوبة أمام الشغيلة المغربية، التي بدأت – وفق تعبيرها – تفقد الثقة في مؤسسات الدولة بفعل تضارب المصالح والامتيازات غير المستحقة التي تطبع عمل الحكومة.

في تعقيب وجهته لوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب الإثنين، انتقدت البرلمانية عن “العدالة والتنمية”، فاطمة الزهراء باتا، إعلان الحكومة عن زيادات في الأجور بقيمة ألف درهم بمناسبة فاتح ماي، ووصفتها بغير الكافية في ظل موجة الغلاء والتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. وأشارت إلى غياب إجراءات موازية تخص فئة المتقاعدين، متسائلة بسخرية: “هل هؤلاء لا يتأثرون بارتفاع الأسعار؟ ألا يتبضعون من الأسواق؟”.

وأوضحت أن أكثر من خمسة ملايين مغربي لا يتوفرون على أي معاش، ما يزيد من هشاشة الوضع الاجتماعي، في وقت تواصل فيه الحكومة الترويج لإنجازات “وهمية” في مجال الحوار الاجتماعي. كما عبرت عن استغرابها من إخفاق الحكومة في عقد جولة شتنبر من الحوار الاجتماعي، في استمرار لما وصفته بـ”النكوص عن الالتزامات” السابقة.

وتساءلت باتا عن مصير مشاريع إصلاح مدونة الشغل، وقانون النقابات، وإصلاح صناديق التقاعد، مؤكدة أن تأجيل هذه الملفات ليس سوى نتيجة لحسابات انتخابية ضيقة، ويدل على غياب إرادة سياسية حقيقية.

وفي سياق متصل، أصدر حزب النهج الديمقراطي العمالي بياناً نارياً حمّل فيه حكومة أخنوش مسؤولية “الانهيار غير المسبوق للقدرة الشرائية”، محذراً من أن شرائح واسعة من الطبقة المتوسطة باتت مهددة بالانزلاق إلى براثن الفقر.

واعتبر الحزب أن ما تشهده البلاد من خصخصة مفرطة للخدمات العمومية، وعلى رأسها الصحة والتعليم، هو “تدمير متعمد” يستهدف الفئات الهشة، ويساهم في تعميق الفوارق الاجتماعية. كما ندد بتصاعد ما وصفه بـ”القمع الممنهج” ضد النشطاء السياسيين والنقابيين والمدونين، مستنكراً المحاكمات التي تطالهم على خلفية التعبير عن الرأي في منصات التواصل الاجتماعي، تحت مظلة قوانين تقييد الحريات الرقمية.

ودعا النهج الديمقراطي العمالي إلى بناء جبهة ديمقراطية وحقوقية واسعة لمواجهة ما أسماه “الهجمة الاقتصادية والقبضة الأمنية”، والعمل على إطلاق حملات تضامن دولية مع معتقلي الرأي والحركات الاحتجاجية، وفي مقدمتهم معتقلي حراك الريف والصحراويين.

ويُجمع مراقبون على أن حكومة أخنوش تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب تصاعد الغضب الشعبي من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في ظل محدودية أثر الإجراءات الحكومية وغياب سياسات عمومية ناجعة قادرة على التخفيف من معاناة المواطنين.

و امام هذا المشهد السياسي والاجتماعي المتأزم، يبدو أن حكومة عزيز أخنوش تدخل مرحلة دقيقة من ولايتها، حيث تتقاطع المطالب الاجتماعية مع أزمة الثقة في المؤسسات. فبين وعود تحسين الأجور ورفع مستوى العيش، وبين واقع الغلاء وتآكل القدرة الشرائية، تتباعد المسافة بين الخطاب والممارسة.

الزيادات المعلنة في الأجور، وإن كانت تلقى ترحيباً حذراً من بعض الأطراف، لا ترقى إلى طمأنة فئات واسعة من المواطنين الذين يواجهون ارتفاعاً مستمراً في أسعار المواد الأساسية والخدمات، دون وجود شبكات حماية اجتماعية كافية، خاصة لفئة المتقاعدين وغير المهيكلين.

في المقابل، تزداد المعارضة، سواء البرلمانية أو من خارج المؤسسات، جرأة في انتقاد السياسات الحكومية، مستغلة هشاشة الوضع الاجتماعي وتزايد مؤشرات التذمر الشعبي، فيما تكتفي الحكومة غالباً بردود تقنية تفتقر إلى البعد السياسي والتواصلي الذي يمكنه إعادة بناء الجسور مع المواطن.

ولعل أخطر ما تواجهه الحكومة ليس فقط الفشل في تدبير الملفات الاجتماعية، بل هو فقدان شريحة متزايدة من المغاربة للثقة في الوعود الحكومية، ما يجعل أي مبادرة إصلاحية، مهما كانت وجيهة، مهددة بالإجهاض في مهدها.

في ظل هذا السياق، يبرز سؤال جوهري: هل تستطيع الحكومة تحويل هذه الانتقادات إلى فرصة لتصحيح المسار، أم أنها ماضية نحو مزيد من الانفصال عن نبض الشارع، بما قد يُفضي إلى انفجارات اجتماعية يصعب التحكم في تداعياتها؟

Exit mobile version