كشفت دراسة حديثة أن المغاربة يقضون في المتوسط خمس ساعات وثلاثاً وخمسين دقيقة يوميًا في استهلاك وسائل الإعلام، وهو رقم مستقر مقارنة بسنة 2023، ما يعكس استمرارية ارتباطهم القوي بالمحتوى الإعلامي رغم التغيرات المتسارعة في المنظومة الرقمية.
ووفقًا لذات الدراسة، فقد أصبح الإنترنت الوسيلة الإعلامية الأولى في البلاد، حيث يتصل به يوميًا 91% من السكان، بزيادة ثماني نقاط مئوية مقارنة بالعام الماضي. وقد هيمنت شبكات التواصل الاجتماعي على هذا الاستخدام المكثف، حيث جاء فيسبوك في الصدارة بنسبة استخدام بلغت 84%، يليه واتساب بـ70%، ثم إنستغرام بنسبة 60%.
ورغم هذه الطفرة الرقمية، احتفظ التلفزيون بمكانته كمصدر رئيسي للمعلومة، إذ يشاهده يوميًا 86% من المغاربة، بمتوسط يومي يبلغ ساعتين و52 دقيقة. وتبقى قنوات “دوزيم” و”الأولى” و”الرياضية” الأكثر متابعة، متقدمة على القنوات الخليجية، بينما عبّر 67% من المستجوبين عن ثقتهم بالتلفزيون كمصدر موثوق للأخبار خلال الأحداث الكبرى.
هذه المؤشرات جاءت منسجمة مع مضامين تقرير أمريكي حديث بعنوان “Digital 2025: Morocco”، صادر عن منصة DataReportal بالتعاون مع شركاء دوليين، كشف عن معالم التحول الرقمي في المغرب، مشيرًا إلى ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت إلى 35.3 مليون مستخدم، أي ما يعادل 92.2% من مجموع السكان.
وأشار التقرير إلى أن عدد المستخدمين النشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بلغ 21.3 مليون مغربي، يمثلون 55.5% من إجمالي السكان. وتصدرت منصات فيسبوك ويوتيوب وواتساب وإنستغرام وتيك توك قائمة التطبيقات الأكثر استخدامًا.
رغم هذا التطور اللافت، لم يغفل التقرير التحذير من التحديات المرتبطة بحرية التعبير في الفضاء الرقمي. فبحسب تقرير “Freedom on the Net 2024” الصادر عن منظمة فريدوم هاوس، لا يزال المغرب يصنف ضمن الدول “غير الحرة جزئياً” من حيث حرية الإنترنت، بسبب ملاحقة بعض المدونين والصحفيين الرقميين بناءً على محتوى منشور عبر الشبكة.
وأكد التقرير أن هناك حاجة ملحة إلى مواءمة القوانين الوطنية مع المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير وحماية الحياة الرقمية، خصوصًا مع توسع الرقمنة في القطاعات الحيوية كالتعليم، والصحة، والإعلام.
يرى خبراء أن المغرب يعيش تحوّلًا رقميًا واسعًا، لكنه يصطدم في بعض الأحيان بإكراهات تشريعية ومؤسساتية. فالارتفاع المتزايد في استخدام الإنترنت يوازيه تزايد الطلب على ضمانات قانونية لحماية المعطيات الشخصية وتعزيز حرية التعبير، وسط انتقادات حول التوظيف السياسي أو الأمني لبعض النصوص القانونية ذات الطابع الفضفاض.
بين الأرقام الرسمية، والتقارير الدولية، وآراء المتابعين، يتضح أن المغرب بات يعيش واقعًا رقميًا لا رجعة فيه، يرتبط فيه المواطن أكثر من أي وقت مضى بشاشاته، سواء لمتابعة الأخبار أو للتفاعل الاجتماعي أو لقضاء الوقت الترفيهي. غير أن هذا المسار يتطلب، أكثر من أي وقت مضى، توازناً دقيقاً بين ضمان الحقوق، وتعزيز الأمن الرقمي، والتحديث المستمر للتشريعات.
المغاربة يقضون 6 ساعات يوميًا أمام وسائل التواصل الاجتماعي
