Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المغرب العميق والعدالة المجالية

ما يجري في أيت بوكماز نواحي أزيلال ليس حادثا عابرا، لكنه “صدمة” تسائل الحكومة. نعود لنقول مرة أخرى إن هناك مغربان تحت سقف واحد. سياسيا توجد الدولة الديمقراطية، التي وضعت الدستور المستفتى حوله والمنجز بطريقة تشاركية، والتي وضعت أسس المؤسسات الديمقراطية، ومنحت الحكومة صالحيات واسعة لم تتوفر لسابقاتها، وركزت على الفصل بين السلط، لكن تحت السقف نفسه هناك “دكتاتورية” للأغلبية.
وفي تحت السقف نفسه هناك المغرب الذي يعرف نماء وهناك المغرب العميق، الذي يعيش على هامش التاريخ والتنمية، وكأنه غير موجود، في وقت ال تطالب الساكنة إلا بمسائل بسيطة، مثل الربط عبر الشبكة الطريقية والوصول إلى منابع الماء حيث تعاني هذه المناطق من العطش، ويريدون مدرسة جماعاتية ومستوصف، ولا تتعدى اللائحة هذه المطالب.
وحتى نكون واضحين: من الجيد والمفيد أن نرى المغرب يتقدم بسرعة كبيرة. ال يمكن ألحد أن يجحد أن المغرب أصبح لديه القطار الفائق السرعة، الذي سيمتد من طنجة إلى مراكش، وعبر خط أكثر سرعة، وهذا يساهم في تقريب المسافات، التي أصبحت من ضرورات التنمية والتطور الاقتصادي.
ومن الجيد أن تتوسع شبكة الطرق السيارة والطرق السريعة، لتشمل مناطق كثيرة من المغرب، وتربط مناطق بأخرى وتفك عزلة مناطق مهمة لها دور في العملية الاقتصادية خصوصا المناطق الفلاحية، التي يمكن تطويرها صناعيا أو المناطق السياحية، وتقريب المسافات واحدة من أهم أسس التنمية.
ومن الجيد أن نرى بنيات كثيرة هنا وهناك، ونرى تشييد منشآت رياضية كبيرة استعدادا الاحتضان كأس العالم ،2030 وهي كلها عمليات ال يمكن أن يتغاضى عنها أحد بل تعتبر منجزات مهمة، تحتاج إلى التثمين والزيادة منها كما ونوعا.
لكن التوزيع العادل للثروة ومعيار العدالة المجالية يقولان إن هناك تمييزا واضحا بين مغربين، أي بين مستويين من “تمغاربيت” يعيشان تحت سقف واحد. فمقابل هذا المغرب الذي يسير بهذه السرعة، هناك مغرب آخر يحتاج إلى الضروريات، بل إلى أبسطها وأقلها، أي يحتاج الحد الأدنى من شروط وظروف العيش بكرامة.
ما يجري في أيت بوكماز وهذه المسيرات التي تشبه قطارا بال نهاية هي الناقوس، الذي ينبغي أن تسمع الحكومة رناته “الخشنة”، وإلا سيأتي يوم ال يمكن ألحد أن يحد من هذا الموج الهادر، الذي ما زال لحد اليوم “عاقلا”، ويقوده عقلاء، لكن من يضمن لنا أنه لن ينفلت من عقاله ويخرج عن طوره ويدمر الأخضر واليابس.
هل الحكومة تسعى في الخراب؟ هل ترك المغرب العميق يعيش لحاله ونفسه ويدبر أموره يمكن أن يمنع الانهيار؟ إنه من حق المغرب العميق على الحكومة أن تحقق له عدالة مجالية، فتصبح أي ت بوكماز وأنفكو ومثيلاتها في المغرب مثل أي مكان في المغرب من حيث البنيات الأساسية للعيش، دون ذلك السير نحو الحافة، لا قدر الله.

Exit mobile version