Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المغرب وأزمة الغذاء

الأخبار لا تبشر بالخير بتاتا. ليس فقط لأن التطورات الحاصلة عالميا وإقليميا لا تساعدنا على التجاوز ولكن لأن الحكومة، التي يقود عزيز أخنوش، رجل الأعمال الملياردير وزعيم “تجمع المصالح الكبرى”، لا تعير اهتماما للأزمة إلا فيما يمس حسابات الشركات الكبرى، ويوزع على المواطنين الخسائر بالتساوي بينما تزداد أرباح الشركات الكبرى وهو بنفسه ضاعف ثروته خلال أزمة كورونا وفق تقرير “فورين أفيرز”.
اليوم يأتي تقرير من أكسفورد ينذر بالكارثة، يقول إن مجموعة من الدول، ومن بينها المغرب، مقبلة على أزمة غذاء غير مسبوقة، مما ينذر بأوضاع اجتماعية مقلقة في المستقبل المنظور، واكتفت الحكومة عن طريق ناطقها الرسمي بالقول إنها تتوفر على مخزون استراتيجي من القمح لمدة أربعة أشهر، نحتسب منها زمن وصول التقرير إلى الوزير وزمن وصول الوزير إلى منصة القول، بمعنى الأربعة أشهر انتقص منها الزمن الشيء الكثير.
في السياق نفسه شكل الخروج الإعلامي لبنكيران، وهو يخاطب أعضاء حزبه بالشمال، فرصة لمعرفة كثير من الأسرار، التي لا ينبغي أن نمر عليها مرور الكرام. قال الشيء الكثير عن صندوق المقاصة وعن أسعار المحروقات وعما أسماه تحايل أخنوش ومجموعته على “الصندوق” كي يلهفوا أموال الدولة. لن نصدق بنكيران ولن نكذبه. وليس من مهامنا الحكم على ما يقوله الأشخاص بالصدق والكذب إلا بعد التمحيص.
بنكيران كان رئيسا للحكومة، وكان حزبه هو الذي يقود وزارة الطاقة والمعادن مدة عشر سنوات، وبالتالي هو مطلع جيد على ما كان يجري في القطاع. نعرف أن بنكيران في جزء من كلامه يدافع عن حزبه وبالتالي فهو يمارس خطابا مخصوصا لهذا الغرض، لكن كثير من كلامه صادقت عليه زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، السلطة المركزية لمراقبة صرف المال العام. هذا المجلس قال في تقريره إن كثيرا من الوثائق التي تم تقديمها قصد الحصول على تعويضات صندوق المقاصة من قبل الفاعلين في القطاع غير واضحة.
لنفترض أن كل هذا الكلام فيه جزء من السياسة. لماذا لا تفتح النيابة العامة المختصة تحقيقا دقيقا في الموضوع؟ لماذا لا يتم التحري في المال العام وكيف تم صرف لأباطرة المحروقات؟ ما زال بنكيران مصرا على أنه وجد صندوق المقاصة يخنق الدولة وبالتالي قرر التحرر من قبضته، لكن عن طريق المقايسة. بمعنى يتم تحديد الأسعار وفق تعريفات السوق الدولية.
السؤال المطروح والكبير الذي يجهله المغاربة: هو من يقيس أسعار المحروقات بالمغرب؟ أي من يحدد السعر الذي تباع به للمواطنين؟ وبما أن الحكومة فقدت السيطرة، وهذه من أخطاء بنكيران لأنه لم يقم بتسقيف الأسعار، فمن إذن يملك هذه السلطة؟ هل هو نادي تجار المحروقات المغلق؟ أم جهة أخرى؟
على أية حال من حق المغاربة، في إطار الحق في الحصول على المعلومة وفي إطار معرفة طريقة تحديد الأسعار، أن يعرفوا من هي الجهة التي تحدد أسعار المحروقات.
بالجملة نحن اليوم أمام أزمة غذاء ناتجة عن السياقات الدولية لكن المسؤول عنها هو الحكومة، التي من بين الحلول المطروحة أمامها خفض الضرائب على المحروقات وإلزام التجار بتخفيض نسبة الأرباح، إذا كان فعلا يهمها تفادي التوترات الاجتماعية.

Exit mobile version