Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المغرب وألمانيا وأذناب الاستعمار

د. أحمد درداري

يبدو القانون الدولي قانون لم ينصف دول العالم الثالث  في شيء ولا يضمن الحفاظ على مصالح الشعوب المستضعفة، وذلك لكون الدول الغربية تنطلق من تفوقها العلمي والاقتصادي والعسكري الذي أقامته على تطور العلوم ونهب وسوء استغلال موارد دول الجنوب المادية والبشرية، وبالعودة الى مؤتمر برلين 1885 الذي نجده فتح القارة الافريقية كضيعة للدول الأوربية دون احترام لحقوق الإنسان الافريقي ، وكان بمثابة إنهاء المصير السيادي لهذه الدول واتباع خطة تقسيم الدول وتقزيم قوتها لتفادي خطر النهضة والالتحاق بمستوى الدول الأوربية. بل ان القرن العشرين عرف حربين عالميتين بسبب خلافات بين الدول الأوربية ونشبت خلافات حول تحديد رقعة نفوذ كل واحدة منها وعززت ذلك بالاختلاف الأيديولوجي والقوميات والمذاهب السياسية وكانت ألمانيا النازية  اخطر دولة ديكتاتورية في القرن العشرين، وبعد الخسائر التي خلفتها الحروب، هاهي اذناب الاستعمار  عادت وتذكرنا  بالاتفاقيات والمؤتمرات التي كرست الهيمنة والجبروت واعتماد التقارب والاتحاد بينها لتجنب مثل المآسي والدمار الذي خلفته الحربين العالميتين بأوروبا، وصدرت في المقابل مشاكلها لدول للجنوب وحاصرت رقعة  السلام بينها فقط  بينما الحروب والفتن فجعلتها خارج القارة الاوربية وغذتها بمشاكل الحدود و التدخل في الشؤون الداخلية للدول بدون سبب وبدون حق وبأتفه الأسباب وبمنطق الاذعان والتبعية الإجبارية.

وموقف ألمانيا يدل على ان بعض الدول ما تزال حتى في عصرنا هذا  تسير على نفس النهج وتحن إلى الاستعمار  وتحرك أذنابه وتعارض حق الشعوب في تقرير المصير السياسي الداخلي لاسيما المصير الديمقراطي والتنموي، بل وتعمل على الخلط في المفاهيم وتستبد بالقرارات دون أي احترام للديبلوماسية  وخصوصية الشعوب، خصوصا لما تعلم ألمانيا  ان المغرب العربي شأن كل الدول المغاربية  الخمسة وتستدعي الجزائر لمؤتمر برلين حول ليبيا وتتعمد إقصاء المغرب من حضور اللقاء كدولة لها وزنها الكبير على مستوى المنطقة، وكأنها تريد تقزيم دور المغرب  ومجهوداته في العلاقات الدولية وحفظ وحدة الشعوب وتجنب تمزيقها ، وهذا ما أبان عن ضرب ألمانيا لمجهود المغرب ومحاولة تغيير  دوره الاستراتيجي مغاربيا وأفريقيا، والسبب هو ان المغرب اصبح شريكا دوليا وافريقيا قويا وهو ما ينعي بنود مؤتمر برلين ويحول استغلال ثروات إفريقيا  للأفارقة وليس لغيرهم.

كما ان رفع علم البوليساريو فوق برلمان بريمن وان كان هذا البرلمان ليس هو برلمان الاتحاد الألماني البوندستاك والبوندسترات الا انه يثير تعاطفه باسم السياسة الداخلية، لكن حينما تصل الى المستوى السياسة الخارجية فانها  وان كانت تتمتع بنوع من السيادة فان ذلك يتعلق باختصاص الحكومة  الألمانية خصوصا ما يتعلق  بسيادة الدول، وعليه فان ذلك  ليس من اختصاص اللاندر أي الجهات الألمانية، ويعود الى الحكومة الاتحادية التي تتحمل مسؤوليتها عن ما يصدر منها من مواقف.

ومن جهة اخرى فان ثقافة الألمان تخفي العداء سواء في علاقتهم بالأعداء التقليديين  كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا او  بنظرتهم الى الشعوب الأقل منهم. ومعلوم ان السفارة الألمانية تقوم بإعداد تقارير  استخباراتية حول الوضعية  الداخلية للدول في شتى المجالات وترسلها الى الحكومة الاتحادية مما يجعلها تواكب وتتدخل في قضايا مختلفة.

كما أن تعكير العلاقة بالاعتراض على مصالح المغرب  ومنها حقه في اختيار قراراته وتوجهاته وأصدقائه. والرهان على إضعاف المغرب بالوقوف الى جانب الجزائر برابط البوليساريو ومحاولة عرقلة المجهودات الأممية واعترافات الدول بسيادة المغرب على صحرائه ونقل عدد من القنصليات الى مدينتي العيون والداخلة ، ومحاولة جر المغرب الى الخلف …. كلها محاولات  غير مجدية خصوصا مع تنامي الوعي الدولي والافريقي والعربي الذي  أبطل الأسطوانة التي كانت آلية لتكريس اللاأمن بين الشعوب المستضعفة والحفاظ على مستوى من التخلف خوفًا من اقتصاديات صاعدة. ومن جهة اخرى لن ينفع الحنين الى مؤتمر برلين وغيره من المؤتمرات التي كبلت الدول العربية والأفريقية الخسائر و عاشت  بسببها ويلات التقتيل والبؤس والفقر بسبب السياسة الاستعمارية ، بالإضافة الى ان الابتزاز الاقتصادي المعاصر لا يمكن ان يكون بديبلوماسية الخبث بل بالحوار والإقناع ومعادلة رابح رابح وتجنب أسلوب المقامرة واللعب بمصالح وحقوق الشعوب الثابتة .

Exit mobile version