Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المغرب وإسبانيا يدشنان مرحلة جديدة

أكدت سفيرة المغرب لدى إسبانيا، كريمة بنيعيش، أن المغرب وإسبانيا، إدراكا منهما للأهمية الاستراتيجية التي يكتسيها الحفاظ على علاقة متميزة تتطلع إلى المستقبل، يظهران إصرارا راسخا على بناء شراكة عالمية متجددة تلبي التحديات وكذلك الفرص التي يوفرها القرن الحادي والعشرون، وأضافت بنيعيش، بمناسبة الاجتماع الرفيع المستوى المغرب/إسبانيا الذي سينعقد يومي الأربعاء والخميس بالرباط، أن المغرب وإسبانيا دولتان صديقتان وجارتان، تشتركان في قيم ومصالح مشتركة وتستمران في العمل سويا قصد جعل علاقتهما نموذجا يحتذى به في جميع المجالات، وسجلت أنه في هذا السياق، يندرج الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ 68 لثورة الملك والشعب، يوم 20 غشت 2021، حيث دعا جلالة الملك إلى تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات.

وأوضحت السفيرة أنه استجابة للنداء السخي لجلالة الملك، أكدت الحكومة الإسبانية في عدة مناسبات عزمها الراسخ على الانخراط مع المغرب في ديناميكية متجددة لإقامة علاقة دائمة على أسس أكثر صلابة، و قالت بنيعيش إنه “اليوم، ووفقا لهذه الديناميكية الجديدة التي بدأت بين البلدين منذ أبريل الماضي عقب زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب بدعوة من جلالة الملك واعتماد خارطة طريق طموحة، فإن المغرب وإسبانيا مصممان على المضي قدما في تنفيذ هذه العملية الفاضلة من خلال تحديد جميع الوسائل المناسبة لمنح هذه الشراكة أساسا هادئا ومستداما، وطابعا تشغيليا من شأنه أن يعزز العلاقات الثنائية ويخلق تآزرا مفيدا للطرفين”.

وسلطت سفيرة المغرب في إسبانيا الضوء على “العلاقات الأخوية الممتازة” التي تجمع بين العائلتين الملكيتين، مؤكدة أن “الروابط المتميزة من الصداقة المتينة والاحترام المتبادل بين جلالة الملك والملك فيليبي السادس تساهم بقوة في تعزيز العلاقات بين البلدين وتوطيد علاقة فريدة ومثالية”، و قالت بنيعيش إن الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين، والذي لم ينعقد منذ العام 2015، سيشكل بلا شك لقاء استثنائيا سيضفي ديناميكية جديدة على العلاقات الثنائية وسيعكس التصميم على بناء شراكة استراتيجية مفيدة للطرفين، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وعاهل إسبانيا الملك فيليبي السادس، وأضافت أن هذا الاجتماع ما هو إلا تجسيد للإرادة الراسخة للبلدين حيال اتخاذ خطوة غير مسبوقة في العلاقات الثنائية، على أساس خارطة طريق واضحة وطموحة تستجيب لتطلعات الشعبين الصديقين.
و أشارت السفيرة إلى أن مسؤولي البلدين سيبحثان تنفيذ إجراءات ملموسة في إطار خارطة الطريق هاته التي تشمل جميع مجالات الشراكة ودمج جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك في مناخ يتسم بالثقة والشفافية، مسجلة أنه منذ أبريل الماضي، عقدت كافة مجموعات العمل اجتماعات منتظمة لوضع بنود خارطة الطريق الثنائية الجديدة، وخلصت بنيعيش إلى أنه نتيجة لذلك، سيعكس الاجتماع رفيع المستوى في الرباط هذا الجو الإيجابي والموجه نحو احترام الالتزامات التي ترتبط اليوم العلاقات المغربية-الإسبانية.
و يظهر الشريكان التاريخيان بالحوض الأبيض المتوسط، المغرب وإسبانيا، عزما راسخا على توطيد روابطهما الاقتصادية، وذلك في ضوء التقارب الأخير على أعلى المستويات في الدولتين.

فبعد تجاوز التقلبات الديبلوماسية الأخيرة، يبدو أن المملكتين عازمتان أكثر من أي وقت مضى، على فتح صفحة جديدة من صفحات تاريخهما المشترك، وذلك في إطار مقاربة تقوم على التكامل وتقارب المصالح.

وتهدف هذه الدينامية الجديدة، التي تم اعتمادها في شهر أبريل الماضي بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، للمغرب، إلى إعطاء زخم جديد للعلاقات الثنائية بين البلدين، ورؤية أكثر اندماجا وحيوية للروابط الاقتصادية.

ورغم كون العلاقات المغربية الإسبانية علاقات متعددة الأبعاد، إلا أنها تميزت دوما بتعاون اقتصادي استثنائي، جعل من المغرب الشريك التجاري الرئيسي لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، خلف كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، فبحجم صادرات تجاوز 70 مليار درهم في سنة 2021، تحتل إسبانيا المرتبة الأولى ضمن قائمة البلدان المتعاملة مع المغرب، مسجلة بذلك معدل زيادة سنوي بنحو 12.4 بالمائة، بحجم تداول إجمالي قدره 153.7 مليار درهم.

إن تطور أرقام التجارة الخارجية مع الجار الإيبيري، والتي تمثل 28.3 بالمائة من مبادلات المغرب مع الاتحاد الأوروبي، لا تعكس مع ذلك اختلالا في الميزان التجاري الذي اتسع بمقدار 10.3 مليار درهم، منتقلا من 2 مليار درهم سنة 2020 إلى 12 مليار درهم سنة 2021، وعلى هذا الأساس، وانطلاقا من منطق التوازن رابح-رابح، يأتي الإطار الجديد للتعاون الثنائي، والذي يدعو إلى التنمية المشتركة لصالح البلدين، وذلك في وقت يعمل فيه المغرب على التصنيع ونشر نموذج جديد للاستثمار موجه نحو القطاعات الإنتاجية، والمغرب لا تعوزه المؤهلات في هذا الإطار… فمن خلال السعي للاندماج في سلاسل القيمة العالمية، طور المغرب منصة صناعية هي الأكثر تنافسية في القارة الإفريقية، معززة بمنظومات تكنولوجية ذات معايير دولية، وفاعلين معروفين في الصناعة العالمية.

وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قد أعلن في شهر أكتوبر الماضي، عن عقد لقاء رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، واصفا اللقاء بـ”اللحظة المهمة في علاقاتنا الثنائية”، و اللقاء الذي توقف منذ يونيو 2015، والمزمع عقده ما بين 1 و 2 فبراير المقبل بالرباط، سيتناول النموذج الجديد للتعاون متعدد الأوجه، والذي يسعى البلدان الجاران لإبرامه، فضلا عن الآليات الجديدة للعمل الاقتصادي والاستثمار.

وكان العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس، قد أكد يوم الأربعاء الماضي أمام أعضاء السلك الديبلوماسي المعتمد في إسبانيا، أن الاجتماع رفيع المستوى، المندرج في إطار خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في أبريل الماضي، “سيتيح لنا تعميق علاقاتنا الثنائية الواسعة، من أجل العمل معا على أسس أكثر صلابة”.

وبعد إشارته إلى “المرحلة الجديدة” للعلاقات المغربية الإسبانية، أبرز العاهل الإسباني التزام البلدين بإعادة تفعيل مجموعات العمل لإعادة إطلاق التعاون الثنائي متعدد القطاعات، ومعالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك “بروح من الثقة والتشاور”.

وكان سانشيز قد شدد عشية تصريح العاهل الإسباني، على أهمية الاجتماع رفيع المستوى من أجل إعطاء دفعة جديدة للتعاون بين البلدين. وفي ذات السياق، صرح وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، بأن هذا اللقاء “سيكون لحظة جد مهمة” في العلاقات بين البلدين، وفي انتظار مخرجات هذا اللقاء، يبدو أن كل المؤشرات إيجابية من أجل تجديد العلاقات الديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، البلدان اللذان لا غنى لأحدهما عن الآخر، وإذا كانت الأزمة الصحية قد أظهرت أهمية السيادة، فإن التقلبات الجيوسياسية كشفت من جانبها أهمية عمل متعدد الأطراف، أكثر شمولا واندماجا وتوازنا.

Exit mobile version