اكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة بمناسبة افتتاح أشغال مؤتمر المجموعة الإفريقية للقضاة حول موضوع ” من أجل قضاء إفريقي مستقل” انه في ظل مناخ دولي يعرف تحولات اقتصادية واجتماعية وما واكبه من تطور مهول على مستوى أنواع الجريمة لا سيما العابرة للحدود كالجريمة الإرهابية والسيبرانية والبيئية ينعقد هذا اللقاء القضائي الإفريقي المتميز، والذي يأتي أيضا في سياق الدينامية المُشرقة التي تعرفها بلادنا في مختلف المجالات تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والتي تعكسها الخطوات الهامة والمكاسب الكبرى التي تم تحقيقها في مجال إصلاح منظومة العدالة لاسيما في مسار دعم استقلال السلطة القضائية منذ إقرار دستور المملكة لسنة 2011، والذي يعد أحد المرتكزات الأساسية لتعزيز الثقة في القضاء، باعتباره الحصن المنيع لدولة القانون، والرافعة الأساسية للتنمية، وفقا للرؤية الملكية المتبصرة والسديدة التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتمكين في مناسبات عديدة منها ما جاء في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الأولى للمؤتمر الدولي للعدالة المنعقد بمراكش خلال الفترة من 2 إلى 4 أبريل 2018 حيث قال جلالته: “… كما أن تعزيز الثقة في القضاء، باعتباره الحصن المنيع لدولة القانون، والرافعة الأساسية للتنمية، يشكل تحديا آخر يجب رفعه بتطوير العدالة وتحسين أدائها، لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية، التي تشهدها مختلف المجتمعات…” انتهى النطق الملكي السامي
وبذلك فإن صيانة الحقوق والحريات وضمان شروط المحاكمة العادلة تعد واجبا دستوريا يتحمله قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة على حد سواء من خلال السهر على صيانة حقوق المتقاضين والحرص على التطبيق السليم والعادل للقانون في احترام تام لمبادئ التجرد والاستقلال وبصرف النظر عن انتماءاتهم الفئوية أو الجمعوية بما ينسجم مع المعايير المشتركة الواردة في المرجعيات الكونية التي قررتها مبادئ الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وكذا مبادئ بنغالور للسلوك القضائي.
وقال الداكي: إن انعقاد مؤتمركم اليوم على مستوى المجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة يعتبر تجسيدا فعليا للنهج القائم على تقوية وتضافر جهود النظم القضائية بقارتنا الإفريقية لدعم استقلال القضاء من خلال بناء جسور التعاون وانخراط كافة القضاة الذين تجمعهم المبادئ السامية للعدالة التي أقسموا على صونها والدفاع عنها والإلتزام بمبادئها النبيلة بصرف النظر عن انتماءاتهم الجمعوية، قاسمهم الجوهري في كل ذلك التحلي بالضمير المسؤول والتمسك بالقيم الأخلاقية في إطار تحقيق قواعد العدل والإنصاف، والتي تعد بدون شك مدخلا أساسيا للإحساس بالانتماء للوطن وبالأمن والطمأنينة والحماية التي تضمنها الدولة للمجتمع، فضلا عن كون تكريسها يعتبر رافعة لخلق مناخ سليم للاستثمار ورافعة لتجويد أداء العدالة ونجاعتها ضمانا للحقوق والحريات للأفراد والجماعات والمؤسسات سواء كانوا أبناء الوطن أو مقيمين فيه.
و تابع الداكي، من هذا المنطلق تعد الجمعيات المهنية للقضاة شريكا إلى جانب المؤسسات القضائية الرسمية بالنظر لما تملكه من دور توعوي وتحسيسي وتوجيهي ومن قوة اقتراحية كفيلة بالإسهام الإيجابي في تعزيز القيم القضائية وتأطير القضاة وتقوية قدراتهم المهنية وتأطير ممارستهم لحقهم في التعبير في إطار الحفاظ على واجب التحفظ والوقار والتجرد والاستقلالية. و اضاف ، استحضارا من رئاسة النيابة العامة بأهمية ربط أواصر التعاون والأخوة مع نظرائها بالدول الإفريقية، فقد جعلت من الديبلوماسية الموازية أحد المحاور الأساسية التي تنبني عليها استراتيجيتها في إطار التواصل مع محيطها الخارجي ولاسيما مع الأشقاء الأفارقة بالنظر لما تتوفر عليه هذه القارة من إمكانيات واعدة كفيلة بتحقيق التنمية للشعوب الإفريقية وهو ما عبر عنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه بمناسبة القمة الثامنة والعشرين لقادة دول ورؤساء حكومات بلدان الاتحاد الإفريقي بتاريخ 31 يناير 2017 حيث قال جلالته “لقد اختار المغرب سبيل التضامن والسلم والوحدة وإننا نؤكد التزامنا من أجل تحقيق التنمية والرخاء للمواطن الإفريقي , فنحن ,شعوب إفريقيا نتوفر على الوسائل وعلى العبقرية ونملك القدرة على العمل الجماعي من أجل تحقيق تطلعات شعوبنا “انتهى النطق الملكي السامي.
وتفعيلا لهذه التوجيهات الملكية السامية، حرصت رئاسة النيابة العامة على اعتماد ديبلوماسية قضائية موازية مستدامة تعتمد على نسج علاقات تعاون مع أجهزة النيابة العامة والإدعاء العام بمجموعة من الدول الإفريقية تمثلت في إبرام مذكرات تفاهم مع العديد منها، وهي مناسبة مكنت هذه الرئاسة من التعريف بالتطورات التي تعرفها بلادنا على المستوى القانوني والقضائي كما استضافت بلادنا خلال شهر يوليوز 2024 أشغال المؤتمر السابع عشر لجمعية النواب العموم الأفارقة والذي انعقدت على هامشه ندوة دولية حول موضوع: “الجريمة البيئية ودور القضاء في مكافحتها”، حضرها ممثلو أجهزة النيابة العامة والإدعاء العام لأربعة وثلاثين دولة إفريقية وتميزت بانتخاب رئاسة النيابة العامة بالمملكة المغربية لمنصب الأمانة العامة للجمعية وكذا اعتماد المغرب مقرا دائما للأمانة العامة لهذه الجمعية.