تستعد وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لإطلاق أول حملة وطنية حول الكشف المبكر والوقاية من مرض السل ، و أن هذه الحملة التي ستنطلق يوم 1 نونبر المقبل ستستمر لمدة شهر ونصف بغية تحسيس المواطنين بخطورة هذا المرض وسبل الوقاية منه.
وشرعت وبحس المعطيات المتوفرة، فإن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية منذ أيام في التحضير لهذه الحملة عبر عقد لقاءات مع المديريات الجهوية والمندوبيات الإقليمية للوزارة بغية اتخاذ التدابير والإجراءات المناسبة لانجاح هذه الحملة، حيث يرتقب أن تفتح المستشفيات والمراكز الصحية أبوابها للراغبين في الكشف عن مرض السل، خاصة الأشخاص الذين تظهر عليهم بعض أعراض هذا المرض، كما سيتم بث وصلات تحسيسية على وسائل الاعلام العمومية والخاصة بغية توعية المواطنين وتحسيسهم بأهمية الكشف المبكر والوقاية من السل، ومن المرتقب أن يتم اشراك الجماعات الترابية وجمعيات المجتمع المدني ومصحات القطاع الخاص في هذه الحملة، وبحسب الأرقام الرسمية لوزارة الصحة، فإن المغرب يسجل حوالي 29 ألف إصابة بمرض السل.
وكانت وزارة الصحة قد وضعت مخطط وطني استراتيجي للوقاية والتحكم في داء السل (2023-2021)، يهدف إلى تقليص عدد الوفيات الناتجة عن مرض السل سنة 2023 بنسبة 60% مقارنة بسنة 2015، ويرتكز هذا المخطط على خمسة أهداف، أولها، والإبقاء على نسبة النجاح العلاجية الحالية المتمثلة في 90% على الأقل خلال السنوات المندرجة في إطار المخطط الوطني الاستراتيجي.
ويروم الهدف الثاني من هذا المخطط، رفع عدد حالات مرض السل المقاوم للعلاج إلى 480 ونسبة معالجتها بنجاح إلى 80 %على الأقل في أفق سنة 2023، مع توفير الكشف السريع عن فيروس نقص المناعة المكتسبة لـ95% من المصابين بمرض السل خلال سنة 2023 والمحافظة على نسبة 100% من الحالات المصابة بمرض السل أو نقص المناعة .
كما يهدف المخطط إلى توفير علاج وقائي ضد مرض السل عند 45.000 شخص على الأقل من المحتمل إصابتهم خلال الثلاث سنوات المدرجة في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني، مع ضرورة تحسين الحكامة وممارسات التسيير المدرجة في البرنامج الوطني للقضاء على مرض السل وتعزيز المقاربة المتعددة القطاعات.
وأ كدت البروفيسور زبيدة بوعياد، الأخصائية في أمراض الجهاز التنفسي ورئيسة “جمعية الإنقاذ من السل والأمراض التنفسية”، أن مكافحة مرض السل تبدأ بتوفير سكن لائق تدخله أشعة الشمس، والحرص على التغذية المتوازنة، وتجنب التدخين، خاصة في أوساط الفئات الفقيرة والأكثر هشاشة.
وأوضحت الأخصائية، أن الحد من تفشي هذا المرض يقتضي تضافر جهود الجميع، وليس وزارة الصحة فقط، “لأن الأمر يستلزم إيجاد حلول للعديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية”.
وأشارت بهذا الخصوص إلى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتربوية ذات الصلة بمستوى ووسط عيش الناس، سواء داخل الأسرة أو بمقر العمل، تؤدي إلى زيادة انتشار المرض، مسجلة أنه “في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، سيغير الكثيرون محلات سكناهم نحو مساكن أكثر اكتظاظا، وستتراجع جودة التغذية، كما سيضطر الكثيرون إلى الانتظار طويلا قبل التوجه إلى الطبيب لتشخيص الإصابة بداء السل”.
وإلى جانب هذه العوامل، شددت الفاعلة الجمعوية على خطورة التدخين الذي يعد من بين العوامل الرئيسية التي تزيد من تفشي المرض، موضحة أن “المصاب بداء السل ينفث عند تدخينه السيجارة أو الشيشة في الأماكن المغلقة دخانا يحمل جرثومة السل التي تنتشر بسرعة كبيرة وسط الأشخاص المحيطين به”. وشددت في هذا الصدد، على ضرورة مكافحة التدخين في الأماكن العامة.
وتوقفت أيضا عند أهمية تحسيس المصابين بالعديد من الأمراض المزمنة من أجل توخي اليقظة والحذر، خاصة المصابين بالسكري الذين تضعف مناعتهم، وبالتالي يمكن لأي جرثومة أن تؤثر عليهم.
وبخصوص الوضعية الوبائية لداء السل بالمغرب، أكدت رئيسة الجمعية أنها مستقرة حاليا بفضل المجهودات المبذولة من طرف نساء ورجال الصحة العاملين بالمراكز الصحية لمحاربة داء السل بجميع أنحاء المملكة، مبرزة أن نتائج هذه المجهودات تتجلى من خلال مجموعة من المعطيات، أولها “تراجع عدد المرضى الذين ينقطعون عن العلاج، فبعد أن كانت نسبتهم تصل في السنوات الماضية إلى ما بين 10 و 15 في المائة، أصبحت هذه النسبة تبلغ حاليا 8 في المائة تقريبا على المستوى الوطني، و5 في المائة على مستوى الدار البيضاء، وهو ما يبرز العمل الجبار الذي يقوم به مهنيو الصحة من خلال تتبع المرضى والحرص على إتمام العلاج”.
ويتمثل المعطى الثاني الذي يعكس استقرار الحالة الوبائية، تضيف البروفيسور زبيدة بوعياد، في التحسن الملحوظ على مستوى العلاج، حيث إن أكثر من تسعين في المائة من المرضى يتماثلون للشفاء، في حين لا يتجاوز عدد الوفيات 2 بالمائة من مجموع المرضى.
وأبرزت أن المعطى الثالث يتمثل في عدد المصابين بالسل، الذي يبلغ على المستوى الوطني 90 حالة جديدة مصابة بالداء لكل 100 ألف نسمة، لكنه يختلف من جهة إلى أخرى، موضحة أنه بحسب الإحصائيات الأخيرة الخاصة بسنة 2021، فإن جهة طنجة- تطوان- الحسيمة تأتي في مقدمة الجهات التي تسجل بها نسب إصابة عالية تفوق 100 حالة لكل 100 ألف نسمة، تليها جهة الرباط- سلا- القنيطرة، ولاسيما مدينة سلا، التي يبلغ فيها عدد الحالات 100 لكل 100 ألف نسمة، ثم جهة الدار البيضاء- سطات في المرتبة الثالثة بـ 98 حالة لكل 100 ألف نسمة.
وفي السياق ذاته، أكدت البروفيسور زبيدة بوعياد أن تفشي جائحة كوفيد-19 كان له تأثير كبير على الوضعية الوبائية المتعلقة بداء السل، حيث أثار مخاوف الكثير من المصابين بهذا الداء من التوجه إلى المراكز الصحية لإتمام العلاج خشية الإصابة بعدوى كوفيد، مما أدى إلى عدم التزامهم بالعلاج وتدهور حالتهم الصحية.
وأشارت إلى أن الجائحة تسببت أيضا، خاصة خلال سنتي 2020 و 2021، في عدة مشاكل في ما يخص العلاجات وتوفر الأدوية بالمراكز الصحية، بعدما أصبح التركيز منصبا أكثر على كوفيد-19 .
وخلصت رئيسة “جمعية الإنقاذ من السل والأمراض التنفسية” إلى التأكيد على أهمية المبادرات التحسيسية للحد من تزايد عدد المصابين بداء السل، ولاسيما الأنشطة التي تنظمها جمعيات المجتمع المدني من أجل توعية المواطنين بضرورة الكشف المبكر واتباع العلاج بدقة حتى الشفاء، والحرص على نمط عيش صحي من حيث مكان العيش والسلوكات الغذائية وغيرها من العادات الصحية.
المغرب يسجل 29 ألف إصابة بمرض السل
