Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المغرب يُراجع بوصلته في سوق الحبوب.. تراجع واردات القمح وسط دينامية جديدة للأمن الغذائي

في خطوة تعكس إعادة تموضع مدروس في تدبير ملف الحبوب، يتجه المغرب إلى تقليص وارداته من القمح خلال الموسم الزراعي 2025-2026 إلى نحو 6.7 ملايين طن، وفق ما أفاد به تقرير حديث صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية.

هذا الرقم يشكل تراجعاً طفيفاً بحدود 200 ألف طن مقارنة بالموسم المنصرم، لكنه يحمل في طياته إشارات لافتة إلى تغيّر في قواعد اللعبة الزراعية بالمملكة.

اللافت في هذا التطور أن التراجع لا يأتي في سياق رخاء مناخي، بل رغم استمرار التحديات المناخية، وهو ما يعزز دلالة التحسن المسجل في المحصول المحلي، ويؤشر إلى فعالية المقاربة الجديدة في تدبير المخزون الاستراتيجي للقمح.

التقرير لم يخفِ نبرته الإيجابية وهو يصف هذا التوجه بـ”الخطوة الفعلية نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي”، خاصة في ظل مقارنات مباشرة مع دول إقليمية، مثل مصر، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على الأسواق الخارجية لتلبية حاجاتها من الحبوب.

وبين سطور التقرير، تبرز ملامح استراتيجية مغربية أكثر تنوعاً واستباقية، تقوم على توسيع قاعدة الشركاء التجاريين بعيداً عن منطق الارتهان لمصدر واحد.

فإلى جانب فرنسا، التي تظل شريكاً تقليدياً، وسّع المغرب تعاونه ليشمل روسيا وكازاخستان، مستفيداً من التنافس المتصاعد بين الدول المصدّرة، في وقت يُتوقع فيه أن يصل الإنتاج العالمي من القمح إلى 808.5 ملايين طن.

لكن البعد التجاري لا ينفصل عن حسابات الجغرافيا السياسية؛ إذ تسعى موسكو لتكريس حضورها في شمال إفريقيا عبر بوابة الغذاء، بينما تحرص باريس على ترسيخ نفوذها عبر شبكات مؤسساتية طويلة الأمد. في هذا المشهد، تبرز كازاخستان كمنافس صاعد، تعزز وجودها في الرباط بعلاقات دبلوماسية وتجارية آخذة في الاتساع.

ورغم هذا التحسن في القمح، لا تزال واردات الذرة تسجّل ارتفاعاً ملحوظاً، إذ يُنتظر أن تبلغ 2.9 ملايين طن، أي بزيادة 200 ألف طن عن الموسم الماضي، معظمها قادم من أوكرانيا، البرازيل، والولايات المتحدة. الذرة تبقى مادة محورية في منظومة الإنتاج الحيواني، خاصة في قطاع الدواجن.

ولمواجهة تقلبات السوق الدولية، يواصل المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني (ONICL) تطبيق سياسة استباقية تشمل دعم الأسعار وتنظيم عمليات التخزين والاستيراد، في إطار رؤية وطنية متوازنة تسعى لضمان الأمن الغذائي دون الانغلاق على الذات.

 

Exit mobile version