تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، اختتمت المناظرة الثانية للصناعات الثقافية والإبداعية، التي نُظمت بشكل مشترك بين وزارة الثقافة والشباب والتواصل وفدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، بنجاح كبير. الحدث، الذي نال دعم الاتحاد الأوروبي، شهد نقاشات حيوية حول التحديات التي تواجه قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في المغرب، والسبل الكفيلة باستغلال إمكانياته الهائلة كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
المناظرة التي انعقدت تحت شعار “الاحتفاء بالتراث، والاستثمار في التقدم”، شهدت حضورًا وازنًا من المهنيين والمسؤولين، حيث شارك ما يقارب 600 شخص من مختلف المجالات، بمن فيهم النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، وعدد من الوزراء والشخصيات البارزة، بما فيهم نزار بركة، نادية فتاح العلوي، ومحسن الجزولي، بالإضافة إلى مسؤولين عن الوكالات الحكومية وشخصيات دبلوماسية.
وافتتح وزير الثقافة والشباب والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، الجلسة بكلمة أكد فيها على أهمية الاستثمار في القطاع الثقافي والإبداعي، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يمكن أن يلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد الوطني. كما ألقى شكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كلمة شدد فيها على ضرورة تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمكين هذا القطاع من استغلال إمكانياته.
وخلال المناظرة، تم التوقيع على اتفاقية شراكة بين مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة لمجموعة البنك الدولي و”تمويلكم”، بهدف دعم الصناعات الثقافية والإبداعية من خلال محاور متعددة، من بينها دراسة السوق وتقديم الدعم التقني والتمويل. وجاء هذا الاتفاق تأكيدًا على الأهمية المتزايدة للقطاع كجزء من النمو الاقتصادي، لاسيما في مجال خلق فرص العمل للشباب.
وتمحورت النقاشات حول مسألة الوصول إلى التمويل، التي اعتبرها الكثيرون من المهنيين عائقًا كبيرًا أمام تطوير القطاع. تم عرض تجارب مبتكرة مثل التمويل الجماعي، كحلول لفتح آفاق جديدة لدعم المشاريع الإبداعية. كما طُرحت فكرة إنشاء صندوق تمويل مشترك بين القطاعين العام والخاص، ليكون أداة لدعم المشاريع الثقافية بناءً على تقييمات متخصصة تعزز جودة الإنتاج الوطني.
المناظرة قدمت أرقامًا مشجعة، حيث شهد القطاع زيادة بنسبة 33% في إنشاء الشركات منذ عام 2019، ونموًا بنسبة 20% في الوظائف المسجلة. هذه النتائج عززت الثقة في ضرورة تسريع دعم القطاع، الذي أظهر مرونة وقدرة على التكيف خلال أزمة جائحة كوفيد-19، مما يجعله جاذبًا للمزيد من الاستثمارات ورواد الأعمال.
كما تناولت المناقشات موضوع الحفاظ على التراث المادي واللامادي للمغرب، وأهمية تعليم الأجيال الصاعدة كيفية حماية وتثمين هذا التراث، خاصة مع تسارع التحول الرقمي وتزايد أهمية الذكاء الاصطناعي. وتم التأكيد على أن هذه الجهود ستساهم في جعل التراث المغربي أكثر تفاعلية وجاذبية على الساحة الدولية.