Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

النهب المدرسي…عن التكاليف الباهضة للدخول المدرسي

الدخول المدرسي مأزق اجتماعي.
بدقة في الكلام: أصبح الدخول المدرسي مأزقا اجتماعيا ومعضلة نفسية للأسر. لقد تغير السلوك الاقتصادي للقائمين على الشأن التعليمي، ولما نتحدث عن السلوك الاقتصادي نعني به إطلاق يد المتاجرين بالكتاب المدرسي إلى أقصى حد، ومعه تغير نمط استهلاك الأدوات المدرسية، فقد أصبح التلميذ اليوم يشكل عائقا أمام التقشف الأسري بالنظر لما تشبع به من قيم استهلاكية جديدة.
التلميذ اليوم لن يقبل الحد الأدنى من اللباس والحد الأدنى من الأدوات المدرسية التي تفي بالغرض، ولكنه “من جيله”.
هذه الدورة الاستهلاكية أضيفت إلى دورات أخرى، أولاها كانت “العيد الكبير”، الذي تحول من سنة وأضحية إلى نمط استهلاكي غير مهذب ومتعب، ثم العطلة الصيفية، التي أصبحت تثقل كاهل المواطن، وجاءت المدرسة لتنيخ بكلكلها على أكتاف المغاربة.
وبما أن المواطن في ورطة، والدخول مأزق اجتماعي، تقدمت مؤسسات بصفة الملاك المسعف، الذي سيفك الضيق عن عنق هذا المواطن “التعبان”، لكن في واقع الأمر ما يزيد إلا تضييق الخناق عليه، ونقصد مؤسسات القروض، التي قدمت عروضا مغرية وسريعة من أجل الدخول المدرسي.
ليس العتب على من قدم حلا حتى لو كان متاجرا مستغلا المأزق الاجتماعي، ولكن العتب على المسؤولين وأساسا الحكومة، التي تتحمل كامل المسؤولية في ضرب أسس الدولة الاجتماعية، التي تزعم أنها تقوم بمهام بنائها، وهي تسوق الأوهام، لأن الدولة الاجتماعية لا يمكن بناؤها إلا على أساس عدالة اجتماعية قائمة على الموازنة بين المدخول والمصروف، في وقت اشتعلت نيران الأسعار في كل شيء.
قلنا إن الدخول المدرسي مأزق اجتماعي لأنه يؤسس لعلاقة متوترة بين العائلات والمدرسة وهي علاقة تنعكس على نظرة الآباء للأبناء باعتبارهم تلاميذ، فالأب سيكره هذا الابن التلميذ الذي جلب له الديون المتراكمة.
عائلات تقترض من أجل أضحية العيد، وتقترض من أجل قضاء العطلة الصيفية وتقترض من أجل الدخول المدرسي. عائلات رهينة لدى مؤسسات القرض، ولا تكاد تنتهي من واحد حتى تخرج من آخر، بل هناك من يقترض ويبيع القرض السابق للمؤسسة المقرضة ويدور دورة لا يفهم فيها شيئا.
لكل هذه الأسباب عنونا افتتاحيتنا اليوم بـ”النهب المدرسي”، أي إن المدرسة لم تعد حقا لكل مغربي ولكنها حق لمن يملك إلى ذلك سبيلا، نعم يحق لكل طفل أن يلج المدرسة، لكن تكلفتها أصبحت كبيرة على الأسر، سواء كان الأبناء في التعليم العمومي أو الخصوصي، وفيما يتعلق بهذا الأخير، أليس من الأجدى بالحكومة دعم الآباء لأنهم يتحملون المسؤولية مكانها في تدريس أبنائهم؟
يبقى السؤال الجوهري: من يحمي الأسر من “النهب المدرسي”؟ أليست المدرسة اليوم هي “نمطا استهلاكيا”؟ من يدافع عن هذا النوع من المستهلكين في وجه هذا “التغول” البشع لمافيات المدرسة بالمغرب وهم متنوعون منهم ظاهرون ومنهم مخفيون عن أعيننا.

Exit mobile version