Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الهُجوم لطمس الإخفاق..

محمد عفري

أفضل طريقة للدفاع عن النفس هي الهجوم، كما يقال. في ذلك، “تكتيك” يمارسه الرياضيون في الرياضات الجماعية التي تتبنى روح الفريق و”الفير بلاي – الروح الرياضية”، بعيدا، بطبيعة الحال عن العنف والتشنج وكل ما من شأنه الخروج عن نص التنافس الشريف. الرياضيون يمارسون التكتيك ذاته في الأنواع الرياضية الفردية مع تعزيزه بالشعار الأولمبي الخالد؛ الغلبة للأقوى والأعلى والأسرع..
حزب المصباح، رغم أن كُرُوش غالبية قيادييه و”قوامهم” تفضح بُعدهم عن ممارسة الرياضة بُعد السماء عن الأرض، فبالأحرى فهْم معاني أعرافها وأبعادها، وجد نفسه حزبًا في الأمتار الأخيرة من دخول الانتخابات الجماعية والتشريعية لسنة 2021 يلهث لمواجهة أوجه الإخفاقات والخسائر التي تكبدها، وفي مقدمتها خسارة الوجه مع “ناخبيه”، المغرر بهم، الذين وضعوا فيه الثقة لولايتين على امتداد عشر سنوات، دون أن يضعها فيه (الثقة) باقي المواطنات والمواطنين، فلم يكن له من بُد غير المبادرة إلى نهج نفس التكتيك، معتمدا الهجوم من أجل طمس كل معالم إخفاقه الشنيع في تدبير الشأن العام للمغاربة قاطبة، وذلك أمام افتقاده لكل ما يمكن أن يدافع به عن نفسه في ما وضعهم فيه من خيبات لا تُحصى ولا تعد، يدوّن التاريخ أنه بدأها برفع الأسعار وعززها بالتخلي عنهم في ملف المحروقات وفي وضعهم أمام الأمر الواقع، سواء في ما يخص فرض قانون الإضراب أو ما يتعلق بإصلاح قانون نظام التقاعد لصالح رفع السن على حساب الصحة وجودة الحياة وطول العمر، وأنهاها بمعارضة القاسم الانتحابي وبالوقوف ندّا عنيدا ضد المصادقة على قانون نبتة القنب الهندي للاستعمالات الشرعية، والطبية منها على الخصوص، وكأن الحزب يضع يده في يد كبار أباطرة الاتجار في المخدرات المستفيدين الأولين من غياب قانون هذه النبتة العجيبة، على حساب صغار مزارعيها الذين ظلوا يواجهون الفقر المدقع والمتابعة القضائية، فيما استمرت أسهم وأرباح الأباطرة ترتفع في سلالم معاملات المال والأعمال خارج البلاد وداخلها عبر تبييض المداخيل والعائدات.
من داخل البرلمان بمجلسيه، مارس “البيجيدي” سلاح – تكتيك الهجوم من أجل الدفاع، بمفهوم المعارضة التي تفيد وضع العصا في العجلة تارة وبمفهوم حفظ ماء الوجه تارة ثانية وبمفهوم الدفاع عن “حق” الحزب ذي المرجعية الإسلامية في كسب ود الناخبين واستمالة ناخبين جدد، كما مارسه بالعديد من الآليات والأساليب، أولها لغة “الفتوة” (بالمعنى المصري) وثانيها لازمة اُنصر أخاك ظالما أو مظلوما ضد المواطن، وأقلها شعار “المظلومية” بالمعنى المغربي الواضح.
خارج البرلمان، مارس هذا الحزب أيضا، تكتيك الهجوم من أجل الدفاع للغايات وبالأساليب المذكورة، وما “العرض السياسي للمرحلة والمبادرة السياسية الحقوقية للحزب”، الذي قدمته الأمانة العامة لهذا الحزب في لقاء صحفي الجمعة الأخير بالرباط إلا دليل واضح على هذا الهجوم الذي يراد منه تبرئة الذمة من الأخطاء و”الخطايا” التي مورست في حق المواطنين طوال عشر سنوات، بل دليل على التباكي من أجل استدرار عطف المواطنين تحت ذريعة استهداف الحزب من طرف السلطة والتشويش عليه، غير أن الحقيقة التي لا يستطيع الحزب ذاته إخفاءها هي الحصيلة الواقعية التي قدمها للمواطنين، والتي يمكن تلخيصها في ارتفاع معدل البطالة وقلة فرص الشغل التي، كما تبقى لوحدها الكفيل الأول لضمان حياة كريمة لكل المواطنين، تبقى الشفيع الأوحد، من بين باقي النواقص، لاستمالة الناخب المغربي في الوقت الراهن على الأقل.

Exit mobile version