Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الوحدةُ التّرابية حلالٌ عليهم حرامٌ علينا

محمد فارس
في يوم (13 يناير 1935) نُظّم استفتاء لتقرير المصير في إقليم [السّار] المتنازع عليه بين [فرنسا] و[ألمانيا]، وكان السّؤال كالتالي: [هل تُريدون البقاء تحت السيادة الفرنسية أم تختارون الانضمامَ إلى (ألمانيا)؟]؛ لم يُطرح السؤال: [هل تودّون أن تكونوا كيانًا مستقلاّ عن الدولتين المتنازعتين على الإقليم؟ لا، أبدًا، لم يُطرح سؤال تقرير المصير بهذه الصّيغة كما يراد له أن يُطرح في قضية وحدتنا الترابية.. كانت نتيجة الاستفتاء لصالح [ألمانيا] بنسبة (97) بالمائة، وكان ذلك الاستفتاء نزيهًا، وشفّافًا، وحرّا بشهادة المراقبين الدوليين، وبشهادة كل الصّحف الفرنسية ومنها صحيفة [le Figaro] التي نقلتِ الخبرَ في عددها الصادر يوم (15 يناير 1935) وهو الآن أمامي وأنا أكتب هذه المقالة المتواضعة..
كان سكان إقليم [السّار] من الفرنسيين الجِرمان، وكان عددهم بالآلاف المؤلّفة وليس بعدد زُمْرة من الناس تمّ حشْدُهم من دول إفريقية ومن خونة انفصاليين في [تندوف] فأطلقَ عليهم الـمُغْرضون اسمَ [الشعب الصحراوي] بهدف التضليل، فسكان إقليم [السّار] رغم كثرة عددهم، لم يُطلق عليهم اسم [شعب السّار]، ولما انتهت الحرب العالمية الثانية، وانهزمت [ألمانيا]، أعادت [فرنسا] إلى سيادتِها إقليمَ [السّار] بدعوى استكمال وحْدتها الترابية، ولم يُعارض أحد، ولم يتساءل أحد، ما دام الأمرُ يتعلق بالوحدة والسّيادة الترابية لدولة [فرنسا] المحرّرة حديثًا من نيْر النّازية البغيضة؛ كانت [أوروبا] بأكملها تؤيّد [فرنسا]، وتساندها، وكذلك [بريطانيا] و[أمريكا]، وهل هناك ما هو أروع في التاريخ من أن تستعيد دولةٌ وحدَتها الترابية وتَبْسط سيادتها في كلّ أراضيها المسترجعة؟
كان [هتلر] الحريص على تفتيت الدول قبل احتلالها والتّحكم بمقدّراتها، يتذرع باستقلال الشعوب وتقرير مصيرها، وهو ما فعله بإقليم [السُّوديت] حيث أمر الرئيس التّشيكوسلوڤاكي [بِنيش] بِمنْح الاستقلال لهذا الإقليم وإلاّ؛ وبعد [السوديت] احتلّ [هتلر] [تشيكوسلوڤاكيا] بأكملها، ثم قسَّمها إلى [تشيكيا] وجعل على المحامي العجوز [إيميل أشّا]، وجعل على رأس [سلوڤاكيا] النازي [تيزو]، فصار [إيميل أَشّا] ألعوبة بيد [هتلر] تمامًا كما هو [إبراهيم غالي] أُلعوبةً بيد عسكر [الجزائر].. وبعد حين استُدعي [أَشَّا] إلى [البيرْغهوف]، مقرّ [هتلر]، وطلب منه هذا الأخير أن يلتمس حمايةَ [ألمانيا] وأن تصبح [تشيكيا] جزءًا من الرّايخ الألماني، وهذا ما تريده [الجزائر] من [إبراهيم غالي] رئيس الجمهورية الوهمية، لأنّ صحراءنا المسترجعة هو ما تريده [الجزائر] ليصبح [المغرب] مقزّمًا ومسجونًا، العدوُّ أمامه، والبحر وراءه وليس له إلا الصّبر؛ هذه حقيقة لا يجادل فيها من يستفسر التاريخ، وأما معتقلُو [تندوف] وزعيمهُم [غالي] ما هُمْ في الواقع إلاّ أدوات لبلوغ هذه المرامي، وهو ما يعيه المغاربةُ الأحرار، ولن يَسمحوا بحدوثه مهْما كلّفهم ذلك من تضحيات جسام..
والدول التي تستقبل [غالي] زعيم الانفصاليين، هل تستطيع مثلا استقبالَ وفْد يمثّل إقليم [كتالونيا] الإسباني، أو وفْدَ [كورسيكا] الفرنسي أو وفدًا من [قُبرص]؟ وهذه شعوب تَستحق هذه التّسمية وليست جماعة تلعَب دوْرَ الشّعب، وأخرى معتقلة في مخيّمات [تندوف]، تُقدَّم أمام كاميرات العالم على أنها شعْب وهي ليست كذلك، بل هي زُمرُ معتقلين يتمّ توظيفهم للتّضليل الإعلامي والكذب السّياسي والمسرح الدّبلوماسي.. [فرنسا] الـمُنافقة، التي تستقبل عناصر انفصالية في برلمانها، هل كانت ستَقبل بكيان انفصالي في إقليم [السّار]؟ هل استقبلت [فرنسا] عناصر من [كورسيكا]؟ هل استَقبلت وفدًا انفصاليا من [بريتَاني] وسكّان [بريتاني] يُسمُّون الفرنسيين: [المغتصِبون]؟ فلماذا ترفض [فرنسا] الدّاعرة لنفسها ما تريده للمغرب؟ سؤال! هناك بعض الخونة والمغرضين، يتذرّعون أو يعلّلون مواقفهم الشّاذة ضدّ [المغرب]، بأنّ أكثرية دول العالم تساند [تقرير المصير] في صحرائنا، ونحن نقول لهم: منذ متى كانت الأغلبيةُ على حقّ عبْر التاريخ؟ منذ متى كان هذا العالمُ الدّاعر يساند الحقّ؟ فهذا العالم العاهر، يطالبُ بحقوق الـمِثْليين وينادي بالتّسامح مع الشّذوذ، فهل هو على حقّ في ما يدعو إليه من مفاسد ورذائل مذمومة؟ فالأكثريةُ مذمومةٌ وموصوفة بالجهل وقلّة الفهم في القرآن الكريم، فلماذا تريدون منّا أن نأخذ برأي عالم داعر، بل فاسد، بل يدار بأحطّ، بل بحثالة الرِّجال في سياسته، وفي اقتصاده، وفي شؤونه الاجتماعية، مما جعل الله سبحانه وتعالى يسلّط عليه غضبَه حتى أصابه من الأوجاع، والكوارث، والمصائب ما ترون؛ لا، بل أمسك الله رزقَه، وحبس ماءَه، وغابت رحمتُه عقابًا لهذا العالم لِـما اقترفه في حق الله، ودينِه، وشريعته، وخليقته.

Exit mobile version