Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

اليد الممدودة أوجرأة ملك

شكل تطرّق الملك محمد السادس إلى العلاقات المغربية الجزائرية في خطاب العرش الأخير دعوة أخرى، أكثر جرأة، إلى حكام الجزائر، لفتح صفحة جديدة تكون في صالح العلاقات بين البلدين وفي صالح شعبيهما.

للمرة الثانية، وفي مناسبتين متتاليتين لعيد العرش، أصر الملك محمد السادس، نصره الله على مد يده الكريمة إلى قادة الجار ذي الجنب، من أجل بعث الدفء إلى العلاقات الثنائية بين بلدين جارين، تجمع بينهما العديد من الروابط الثقافية والدينية والتاريخية أكثر مما تفصل بينهما حدود وهمية.

على الرغم من برود العلاقة في السنين الأخيرة، وعلى الرغم من ممارسة قادة الجزائر سياسة الأذن الصماء تجاه الدعوة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس السنة الماضية، من أجل بعث هذه العلاقات الثنائية، كان الإلحاح الملكي لمصلحة شعبين شقيقين، ومن خلالهما، لمصلحة منطقة بكاملها تتعدى المغرب العربي باتحاده الذي لم يكتب له القيام الفعلي والاستمرار الواجب بنزاع مفتعل إلى قارة برمتها تعد سوقا واعدة وخصبة بملايين المستهلكين منفتحة على باقي القارات ببوابة  مغربية جزائرية..

لقد كانت دعوة الملك محمد السادس واضحة صريحة للعودة إلى الوضع الطبيعي بين شعبين جارين وشقيقين، كما كانت تأكيدا على ضرورة فتح صفحة جديدة في العلاقات مع بلد جار هي في الأصل مبنية على التعاون الأخوي.

لا يختلف اثنان في أن فتح صفحة جديدة بين الدولتين الجارتين، كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس، أمر لا بد منه لتحقيق نهوض نوعي بالمنطقة، خاصة في ظرفية تتسم بالعديد من الأزمات التي يشهدها العالم. كما لا يختلف اثنان في أن هذه الدعوة جاءت في ظل ظروف داخلية مليئة بالتحديات، وإقليمية متقلبة، ودولية مضطربة، مما يتطلب تعزيز جهود الوحدة والتعاون بدلا من الفُرقة والعداوة المفتعلة بين دولتين لهما امتداد لبعضهما وشعبين متقاربين جدا.

لقد كان  الخطاب الملكي شجاعا جريئا  بتوجيه الدعوة مجددا إلى قادة الجزائر  لطي صفحة الخلاف المفتعل، حيث كان موجها مباشرة إلى الرئاسة الجزائرية لبداية عهد جديد من التعاون والتآزر المثمر بين البلدين، كما أنه شكل دعوة صادقة أخرى ويدا ممدودة مرة أخرى، للأشقاء في الجزائر من أجل التعاون ورأب الصدع وتجاوز خلافات الماضي.

إذا كان تأكيد جلالة الملك على ضرورة تعزيز العلاقات المغربية الجزائرية في خطابين متتاليين لذكرى جلوسه على عرش أسلافه المنعمين، يشدد على أهمية هذا الملف بالنسبة للمغرب ملكا وشعبا وحكومة، فإنه يؤكد  على ضرورة العمل على تجاوز الخلافات، والعودة بالعلاقات الثنائية إلى نمط التعاون المشترك وحسن الأخوة والجوار وتعزيز التقارب والتفاهم بين الدولتين، ليس لفائدة شعبي البلدين لوحدهما وإنما لفائدة شعوب منطقة المغرب العربي بكاملها، التي تشترك باقي دولها،هي الأخرى مع المغرب والجزائر، في قواسم مشتركة، منها ما هو تاريخي وديني وثقافي وفكري، وقد تتعداها، مع تجديد العلاقات المغربية الجزائرية،  إلى توطيد قاسم مشترك بطابع اقتصادي تنموي لفائدة هذه الدول ويتعداها إلى دول القارة الإفريقية برمتها.

Exit mobile version