Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

اليقظة الأمنية وتعاون الأنتربول تطيح بالمجرمين

كشف إنجاز أمني جديد عن فعالية التنسيق الأمني الدولي ويقظة الأجهزة المغربية، حيث تمكنت المصالح الأمنية من تفكيك شبكة إجرامية خطيرة تنشط في تزوير وثائق التأشيرة وتنظيم الهجرة غير الشرعية، بقيادة أحد عناصر جماعة “العدل والإحسان” المحظورة. العملية، التي جرت بتنسيق محكم بين المديرية العامة للأمن الوطني ونظيرتها لمراقبة التراب الوطني، أسفرت عن توقيف عدة متورطين، وضبط معدات وأدلة تثبت حجم التورط والتنسيق داخل الشبكة.
وفي سياق متصل، نجحت عناصر الأمن بمطار محمد الخامس في توقيف مواطن تونسي مبحوث عنه دوليًا بموجب نشرة حمراء صادرة عن الإنتربول، ما يبرز فعالية الرباط في تفعيل آليات التعاون الأمني الدولي والتصدي للجريمة العابرة للحدود.
المعطيات الأمنية تؤكد أن جماعة “العدل والإحسان”، وإن بدت غائبة عن الساحة السياسية، إلا أنها ما تزال تنشط في الخفاء، مستغلة الخطاب الدعوي والعمل الجمعوي كواجهة لتمرير مخططات تهريب وتزوير تستهدف استقرار الدولة، مما يستدعي استمرار التعبئة المجتمعية والمؤسساتية لكشف هذه التحركات المشبوهة.
في مشهد يؤكد اليقظة المستمرة والمهنية العالية التي تُميز عمل المصالح الأمنية المغربية، أطاحت الأجهزة الأمنية، يوم الإثنين 22 أبريل 2025، بأحد أخطر العناصر المرتبطة بجماعة “العدل والإحسان” المحظورة، في عملية نوعية جرت بمدينة وجدة. المعني بالأمر كان العقل المدبر والداعم الرئيسي لشبكة إجرامية منظمة، تنشط في مجال تزوير الوثائق الإدارية الخاصة بطلبات التأشيرة، وتنظيم الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، في انتهاك صارخ للقوانين الوطنية والدولية، وتهديد مباشر لأمن واستقرار الدولة.
التحقيقات الأولية كشفت أن الموقوف، الذي ظل مبحوثًا عنه منذ 18 أبريل، لم يكن مجرد مساهم عابر في عمليات التزوير، بل كان يمثل واجهة تنظيمية خفية، تتحرك في الظل باسم “العمل الجمعوي”، مستغلة الغطاء الدعوي الذي تتخذه جماعة “العدل والإحسان” شعارًا لها في العديد من المدن. هذه الاستراتيجية المزدوجة بين النشاط الظاهري والتخطيط السري، تبرز بوضوح كيف تسعى الجماعة لاستغلال الهشاشة الاجتماعية والفقر النفسي والمادي للشباب، لجرّهم نحو شبكات تهريب منظمة، تقدم لهم “الفردوس الأوروبي” على طبق من الأوهام، مقابل مبالغ مالية ضخمة ووثائق مزورة.
المداهمة التي قامت بها المصالح الأمنية لمنزل المشتبه فيه، أسفرت عن حجز جواز سفر لا يعود إليه، مبالغ مالية كبيرة بعملات مختلفة، وشيكات بنكية باسم الغير، بالإضافة إلى هاتف محمول يُعتقد أنه كان يُستخدم لتنسيق عمليات التزوير والتهريب. الأمر لم يكن مجرد نشاط فردي، بل منظومة كاملة تستغل تقنيات حديثة وأجهزة متطورة، وأدوات إدارية مقلدة، جرى ضبطها خلال تفكيك الشبكة ذاتها في 15 أبريل، حين تم اعتقال خمسة متورطين آخرين، بينهم عنصران من ذوي السوابق القضائية.
الخطورة الأكبر تكمن في ما كشفته التحريات من وجود دعم داخلي من عناصر تنتمي إلى الجماعة المحظورة، ممن يسهرون على تمويل هذا النشاط الإجرامي، وتوفير واجهات قانونية لتغطيته عبر شركات وهمية وعقود عمل مزيفة تُدرج ضمن ملفات طلبات التأشيرة، في محاولة لتمريرها عبر القنوات الرسمية.
هذه التطورات تسلط الضوء مجددًا على الأسلوب المتخفي الذي تتبعه جماعة “العدل والإحسان”، في محاولتها للعودة إلى الساحة من بوابة الفوضى والتشكيك والمؤامرة، عبر تحركات خبيثة تستهدف النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمغرب. الجماعة، التي تتوارى خلف الخطاب العاطفي والديني، تُثبت يوما بعد آخر أنها لا تزال تحاول التسلل إلى قطاعات حساسة كالتكوين، والعمل النقابي، والجمعيات المدنية، في تحدٍّ صريح للمنع القانوني الذي طالها.
لكن يقظة الأجهزة الأمنية، وتكامل العمل بين المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يُظهر مدى فعالية المغرب في محاربة الجريمة المنظمة والإرهاب المالي، خاصة حين تتورط فيه أطراف ذات مرجعية أيديولوجية متطرفة.
ولعل هذه القضية تمثل دعوة مفتوحة لمزيد من الحذر والتعاون المجتمعي، من أجل التصدي لأي نشاط مشبوه يختبئ خلف شعارات كاذبة، وينفذ أجندات تهدد الأمن الوطني تحت غطاء “النضال السلمي”. فمعركتنا اليوم لم تعد فقط ضد شبكات التهريب، بل ضد فكر متطرف يتقن فنون التمويه والتخفي، ويتغذى من هشاشة الواقع، لتأجيج الفوضى تحت عباءة الإصلاح.

Exit mobile version