Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

اليمين الفرنسي يجدد ضغوطه.. دعوات لإلغاء اتفاقيات الهجرة مع الجزائر

شرع البرلمان الفرنسي، وسط أجواء سياسية مشحونة، في مناقشة مقترح قانون مثير للجدل تقدم به النائب اليميني إيريك سيوتي، رئيس حزب “اتحاد اليمين من أجل الجمهورية”، يطالب بإلغاء اتفاقيتي 1968 و2013 المنظمتين لدخول وإقامة الجزائريين في فرنسا. المبادرة اعتبرها مراقبون تصعيداً جديداً في خطاب اليمين المحافظ تجاه ملف الهجرة، في ظل اقتراب مواعيد انتخابية مفصلية داخل فرنسا.

الاتفاقيتان، اللتان يعود تاريخ الأولى منهما إلى ما بعد استقلال الجزائر، والثانية وُقعت في سياق محاولة “تطبيع” العلاقات الثنائية خلال ولاية الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند، تنظمان شروط دخول وإقامة الجزائريين، الذين يشكلون اليوم أكبر جالية أجنبية في فرنسا، بنحو 650 ألف مقيم دائم وفق أرقام 2024.

ويعتبر سيوتي، الذي يقود تياراً يمينياً متشدداً داخل البرلمان، أن هذه الاتفاقيات تمنح “امتيازات استثنائية وغير مبررة” للجزائريين، سواء من حيث سهولة الحصول على الإقامة أو التجمع العائلي أو استثناءات التأشيرة، خصوصاً لحاملي الجوازات الدبلوماسية. وقال خلال عرض مقترحه إن “فرنسا لم تعد تتحكم في حدودها وسيادتها مهددة”، متهماً الجزائر بـ”ضعف التعاون” في تنفيذ قرارات الترحيل التي لا تتعدى نسبة 7 في المائة بحسب ما صرح به.

الملف اتخذ بعداً أمنياً، بعدما استشهد سيوتي بحالات إجرامية أثارت الرأي العام، بينها جريمة طعن نفذها مهاجر جزائري صدر بحقه قرار ترحيل لم يُنفذ. وفي هذا السياق، وصف النائب الفرنسي اتفاقية 2013 بـ”التمييز غير المتكافئ” داعياً إلى إنهائها “بشكل أحادي إذا اقتضى الأمر”.

في المقابل، لم تُصدر الجزائر بعد موقفاً رسمياً تجاه هذا النقاش، إلا أن أوساط دبلوماسية في باريس ترى أن إحياء هذه المقترحات، خاصة في خضم استحقاقات داخلية فرنسية، يحمل رسائل سياسية أكثر مما يعكس توجهاً عملياً. وتُخشى تداعيات هذا النقاش على العلاقات الثنائية، التي تعيش أصلاً فتوراً ملحوظاً منذ تعثر محاولات “التهدئة” التي أطلقها الرئيس ماكرون قبل سنوات.

ويخشى عدد من الحقوقيين والجمعيات المدنية من أن يؤدي التمادي في هذا الخطاب إلى تغذية مشاعر العداء والكراهية ضد الجالية الجزائرية في فرنسا، خاصة في ظل صعود خطاب الهوية القومية، وانزياح الأحزاب الكبرى نحو أجندات يمينية متشددة.

اتفاق 1968 الذي يتصدر واجهة الجدل ليس قانوناً عادياً، بل يُعتبر ثمرة تفاوض سياسي خاص، عقب حرب الاستقلال، وكان بمثابة صفقة دبلوماسية تحفظ لفرنسا امتيازات ثقافية واقتصادية في الجزائر، مقابل تسهيلات للمواطنين الجزائريين في فرنسا. وبالتالي، فإن المساس به قد لا يكون مجرد تعديل قانوني، بل كسراً لتوازن هش حكم العلاقات الثنائية لعقود.

ويأتي النقاش أيضاً في وقت تتصاعد فيه الضغوط داخل الطبقة السياسية الفرنسية لإعادة هيكلة سياسة الهجرة، وسط تزايد الحضور الشعبي لأقصى اليمين ممثلاً بحزب “التجمع الوطني” بقيادة مارين لوبان، والتي يتقاطع خطابها مع مقترح سيوتي بشكل واضح.

يرى محللون سياسيون أن توقيت تقديم هذا المقترح ليس بريئاً، بل يدخل في إطار التعبئة الانتخابية المبكرة تحسباً لأي استحقاق قادم، بما في ذلك احتمالية انتخابات تشريعية مسبقة، خصوصاً بعد التوترات التي شهدها المشهد السياسي الفرنسي في أعقاب الانتخابات الأوروبية.

وبينما يُنتظر موقف الحكومة الفرنسية من المقترح – الذي قد لا يمر في صيغته الحالية – فإن مجرد إدراجه ضمن الأجندة البرلمانية يكشف انزياح النخبة السياسية نحو مقاربات أكثر صرامة تجاه الهجرة المغاربية، ما قد يُدخل علاقات باريس بالمنطقة المغاربية في منعطف دقيق جديد.

Exit mobile version