Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بإحالة من أمير المؤمنين…بعض “تعديلات مدونة الأسرة” تحت مجهر فتوى العلماء

قرر جلالة الملك محمد السادس، باعتباره أميرا للمؤمنين، أن يحيل على المجلس العلمي الأعلى المقترحات، التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى جلالته الكريمة، والمتعلقة بأحكام الدين الإسلامي الحنيف، وذلك للإفتاء بشأنها من خلال فتوى جماعية تنطلق من ثوابت الدين الإسلامي الحنيف، وتستحضر فضائل الاجتهاد والاعتدال، وتنشد المصلحة الفضلى للأسرة المغربية، وذلك لحرص جلالته على تأطير الأحكام الشرعية بالرؤية الفتوائية، التي تعود لمؤسسة إمارة المؤمنين من خلال أداة “المجلس العلمي الأعلى”، وسدا للدرائع والفتوى في استخلاص الأحكام الدينية، التي هي اختصاص علمائي محض.
وخلافا لتوقعات بعض الجهات، التي لا يهمها التماسك الاجتماعي، فإن جلالة الملك أمير المؤمنين، لم يقتصر على ما أنجزته اللجنة المكلفة، ورغم المشاركة الاستشارية لرئيس المجلس العلمي الأعلى، فإن جلالته حرص على أن يعيد للمؤسسة الفتوائية النصوص المتعلقة بالأحكام الشرعية للنظر فيها، وفق مقتضيات الرؤية الاجتهادية للفقه المغربي.
وجاء موضوع الإحالة مرتبطا باختصاصات مؤسسة إمارة المؤمنين، حيث يشدد جلالته ومنذ الرسالة التي وجهها إلى رئيس الحكومة على توسيع الاستشارات، وجعل هذا المسلك ممتدا، وأن يكون على قدر انتظارات المغاربة، تكريسا لدور المؤسسات الدستورية بل من احترام جلالته لكافة المؤسسات التي أقرها الدستور، ومن باب الاختصاص المخول لها، حيث المجلس العلمي الأعلى مؤسسة للنظر في كل الأحكام التي لها ارتباط بالشرع.
وتكتسي مدونة الأسرة خصوصيات تميزها عن باقي القوانين، رغم أن الدستور جعلها ضمن المجال التشريعي، وتأتي هذه الخصوصية من كون بعض مقتضياتها مستمدة من المرجعية الإسلامية، ويحيل التكليف الملكي على دور العلماء المحوري في تحصين الأمن الروحي والديني للمغاربة.
وكان دستور 2011 واتضحا في تحديد الاختصاصات والصلاحيات، وجعل الصلاحيات الدينية من اختصاص إمارة المؤمنين، وكان جلالته شديد الحرص على تكليف هذه المؤسسة بتحديد التكليف الشرعي للمواطنين، وفي مناسبات عديدة، مثل فتوى خطة العدالة بالنسبة للنساء، وفتوى إغلاق المساجد مؤقتا بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19، وفتوى استعمال القنب الهندي لأغراض طبية وعلاجية وصناعية…وغيرها.
وأوضح بلاغ الديوان الملكي أن الإحالة تقتصر على التعديلات المرتبطة ببعض المقترحات التي لها علاقة بالمرجعية الدينية، مؤكدا على ضرورة سلك باب الاجتهاد من أجل تقديم حلول مبتكرة، وهي عبارة دقيقة تعني الاجتهاد من أجل تحصيل الحكم الشرعي المرتبط بتشخيص الواقع، لكن تحت شعار ركزه خطاب جلالة الملك أثناء افتتاح الدورة البرلمانية السابقة والرسالة التي وجهها جلالته لرئيس الحكومة بهذا الشأن، وهذا الشعار هو “لن أحل حراما ولن أحل حلالا”، وبالتالي فإن الإحالة مرتبطة قطعا وتحديدا بالتعديلات التي لها علاقة بالنصوص الدينية.
فالإحالة تعزيز مؤكد للمقترحات، التي رفعتها اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بل هي إجراء مهم لدعم باب الاجتهاد بشروطه العلمائية من أجل استنباط الأحكام الشرعية ذات الاتصال، ومن أجل قطع الطريق على المزاعم المغرضة، التي تنشر التشدد في كلى الاتجاهات، بينما اجتهاد المجلس الأعلى سيكرس وسطية التدين المغربي.
وتؤكد هذه الاستشارة الفتوائية قدرة المغرب على إبداع الأشكال الجديدة للاجتهاد الفقهي الديني بعيد عن الإفراط والتفريط، حيث يتم الاجتهاد وفق مقومات الفتوى بعد تشخيص الواقع وتأويل النصوص وفق الضوابط العلمية المعروفة.

Exit mobile version