Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بعد قضية مومو…اختلاق الأخبار جريمة

نعيش هذه الأيام على وقع فضيحة كبيرة سقط فيها منشط إذاعي أو على الأقل، في انتظار التحقق، سقط فيها من اتصل به، لكن دور الإعلامي ليس مسايرة الواقع ولكن توجيه الوعي نحو واقع آخر، ولهذا تبقى مسؤولية الإعلامي أو المنشط ثابتة عندما يكون البرنامج مباشرا ولا يتدخل للتصحيح. ما وقع يعتبر جريمة كاملة الأركان.
فأول ضحية للأخبار المختلقة هو الحقيقة، ومنها تتسلسل مجموعة من القضايا، التي تضر بكاملها المجتمع وطمأنينته، فدور الإعلام هو الإخبار، لكن أخلاقيا ينبغي تفادي نشر الخبر الذي يهدد الاستقرار حتى لو كان صحيحا، وقانونيا ينبغي معاقبة كل من يتسبب في نشر خبر من شأنه خلق التوترات داخل المجتمع والإيحاء بأن المجتمع يعيش حالة فوضى.
اختلاق الأخبار جريمة، أولا في حق المواطن، لأن نشر معلومات مضللة وزائفة من شأنه أن يؤثر على سلوك الجميع، ومعروف الحالة النفسية التي يصبح عليها الأفراد عندما يعتقدون أو يقتنعون بأن بلدهم غير آمن، فإن ذلك سيتحول إلى سلسلة من الاضطرابات التي يعيشها الناس، كما أن اختلاق الأخبار جريمة في حق المجتمع، لأنه يرسم له صورة مشوهة غير الصورة الحقيقية.
يعتقد البعض أن اختلاق خبر قصد جلب مستمعين جدد أو رفع عدد المشاهدات أمر هين ولن يؤثر على شيء في البلاد، وهذا وهم كبير، لأن اختلاق الأخبار جريمة كبيرة، تضر بسياسة البلاد في الخارج وينعكس ذلك سلبا في الداخل. فعندما يتم تصوير بلد على أنه تنتشر فيه الجريمة، وأنه غير آمن، فهذا حتما سيؤدي إلى هروب السائح الأجنبي، الذي لن يتوجه إلى بلد لا يضمن فيه الأمن سلامة المواطنين.
هل يتصور هؤلاء أن أخبارهم المختلقة يمكن أن تأتي بضربة قاتلة على الاقتصاد الوطني؟ فالرأسمال جبان كما يقال، بمعنى أنه لا يغامر نهائيا ولا يذهب إلا إلى المشاريع المضمونة، من حيث الإنتاج وأدواته وجغرافية الإنتاج. الأخبار المختلقة حول الجريمة وانتشارها يعني هروب المستثمر، الذي لا يمكن أن يغامر بـ”رزقه” في بلد غير آمن.
لكل هذه الأسباب اعتبر المشرع نشر أخبار مختلقة من شأنها الإضرار بالسلامة والأمن، (اعتبرها) جريمة، وبالتالي ينبغي معاقبة مرتكبها.
وإذا أردنا أن نكون واقعيين وعمليين فينبغي توسيع دائرة متابعة الأخبار الزائفة، التي تخلق التوتر داخل المجتمع.
من نشر قصة خروج أسد في الأطلس، وتابع مسيرة نشره، ألم يكن القانون حريا بأن يستمع إليه؟ هذه قصة قد تجلب لصاحبها ملايين المشاهدات، لكن ضررها كبير على المجتمع. ينبغي أن نعرف كم من مواطن ضيّع شغله بسبب هذا الخبر. كم من مريض لم يذهب إلى المستشفى خوفا من الأسد. وكم من تلميذ لم يذهب إلى المدرسة بدعوى وجود الأسد.
وأخبار تمر يوميا دون أن ينتبه إليها كثيرون مضرة بالسلامة والطمأنينة بشكل كبير، ينبغي معالجتها حتى لا يستفحل الأمر.

Exit mobile version