Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بعيدا من الثقافة قريبا من التفاهة

أوشك المعرض الدولي للكتاب أن يغلق أبوابه ويقفل الناشرون من حيث أتوا، ولكن الأسئلة ستبقى كما هي بما فيها تغيير رمزية المعرض، من معرض الدارالبيضاء كما هو معروف دوليا إلى معرض الرباط المتنقل، وصولا إلى ما أحاط بالمعرض من عوارض قربته من التفاهة وأبعدته من الثقافة، والتفاهة تلتقي مع السفاهة في الجذر اللغوي، وواحدة تؤدي إلى الأخرى، مما يهدد معالم المعرض ويحيد به عن محتواه والهدف الذي من أجله تم خلقه.
المعرض مخصص للنشر والكتاب، وعلى الهامش منه تقع أنشطة أخرى لكنها لا تخرج عن صناعة الفكر، وهو غير مخصص لا للمؤثرين ولا للفنانين أو غيرهم، وهنا ينبغي التأكيد على أنه لا يمكن الاعتراض على زيارة أي شخصية كيفما كانت، لكن ليس على حساب رمزية الكاتب والمثقف. فلو استقبل وزير الثقافة مثلا وزيرا للثقافة من بلد آخر سيكون الأمر مقبولا، لكن أن يسارع إلى استقبال فنان فذلك فيه نظر.
لا يتعلق الأمر بالموقف من الفنان، الذي له جمهوره، كما لكل واحد جمهوره قل أو كثر، والكثرة ليست معيارا فكم من صاحبة قناة “روتيني اليومي” لها ملايين المشاهدين والمتابعين، ولكن الموقف في التعامل التفضيلي، الذي يعطي انطباعا سيئا للأجيال، التي يسعى المعرض إلى تقريبها من الكتاب.
تقريب القارئ من الكتاب لا يعني النزول به، ولكن رفعه نحو الكتاب، والنزول في رأينا هو ما وقع ما كاتب مغمور في عالم الثقافة، مشهور في السوشال ميديا، اسمه أسامة المسلم، الذي استقطب جمهورا كبيرا. إقبال الشباب على رواياته لا يعني أنه روائي ناجح، ونحن نعرف كيف يتم صناعة النجوم؟ وليس كتاب المملكة العربية السعودية المعروفين، ومنهم عبده خال ومحمد حسن علوان وشايع الوقيان وغيرهم من الكتاب والمفكرين والمبدعين في الرواية والقصة.
المعرض مختلف في طبعه عن باقي وسائل تسويق الكتاب. ولهذا تقدم له الدولة دعما كبيرا، كما تقوم وزارات الثقافة في أغلب الدول بدعم الناشرين، لأن القصد من المعارض هو الارتقاء بالقاريء لا النزول به. البحث عن العدد والأرقام ليس مهما في قضية المعارض بقدر ما هو مهم التلاقي والتلاقح الثقافي من خلال تقريب المنشورات الجديدة من القارئ.
زار المعرض الدولي للنشر والكتاب، مبدعون وكتاب ومفكرون كبار. نتساءل وما كنا لننتبه لاستقبال الفنان المصري: لماذا لم يستقبل وزير الثقافة الكاتب والمبدع البروفيسور محمد برادة. قامة في الإبداع وفي النقد وصاحب أول بيان في النقد بالمغرب سنة 1963؟ لماذا لم يحظ بالاستقبال مثلا عبد اللطيف اللعبي الكاتب والشاعر؟ وهاذين الكاتبين مجرد نموذجين فقط وفقط لمن حضر من كتاب ومفكرين ومترجمين باختلاف درجاتهم طبعا. لو كان اهتم بهم لقلنا ليس عيبا أن يحظى هذا الفنان أو ذاك بالاستقبال والحفاوة.
ونستغرب أن الوزير لا يسمع أو ليس له من يسمعه مثل هذا الكلام. للوزير ديوان وللوزارة مديريات ومنها مديرية الكتاب، ألم يقترحوا عليه مثلا تركيز الجهود واستضافة كاتب حائز على جائزة دولية؟ ألا يعرف بأن هؤلاء أيضا يمكن أن يقدموا نتائج مبهرة في صورة المغرب؟ ما دور المستشارين إن لم يكونوا قادرين على رسم خارطة التواصل للوزير؟
ونحن نصل إلى نهاية هذه الافتتاحية لا يسعنا إلا أن نقول شكرا محمد بنعيسى، الوزير والمثقف، الذي خلق من لا شيء مهرجانا دو سمعة دولية يستقطب مفكرين وفنانين وكتابا وروائيين وشعراء ووزراء من طينة عالية، مع وضع كل واحد في مكانه خدمة للثقافة لا لغيرها.

Exit mobile version